للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحالهما في استحقاق النّصف الباقي على السّواء.

وعند أبي يوسف -رحمه الله- إن كانا معسرين، (فكذلك وإن كانا موسرين لم يسع لواحد منهما في شيء؛ لأنّ كلّ واحد منهما يتبرى عن السّعاية، ويدّعي الضّمان على شريكه فإن يسار المعتق عنده، يمنع وجوب السّعاية، وإن كان أحدهما موسرًا والآخر معسرًا سعى في ربع قيمته للموسر منهما؛ لأنّ المعسر يدّعي الضّمان على شريكه، ويتبرى من سعاية العبد فيسقط حصّته (١) عنه.

والموسر يَدَّعي السِّعاية على العبد فيسعى له في حصَّته وعلى قول محمّد -رحمه الله- إن كانا معسرين يسعى في جميع قيمته بينهما نصفين وإن كانا موسرين لم يسع لواحد منهما في شيء.

وإن كان أحدهما موسرًا والآخر معسرًا، سعى في نصف قيمته للموسر منهما، لأنّ المعسر يتبرأ عن السّعاية، والموسر يدعيها، فإن يسار المعتق عنده يمنع وجوب السّعاية) (٢) كذا في الجامع الصّغير لشمس الأئمة السرخسي (٣) -رحمه الله- "وبهذا (٤) يعلم أن ما ذكر في الكتاب" (٥) (وقال محمّد -رحمه الله- يسعى في جميع قيمته) (٦) أي إذا كانا معسرين لأنَّ المَقْضِيَّ عليه بسُقُوط حقِّهِ في السِّعَايَةِ وهو الحانث منهما مَجهُولٌ والقضاء على المجهولِ لا يجوز، وهو نظير ما لو شهد كلّ واحد منهما على صاحبه بالعتق في عبد مشترك بينهما، فإنّه يسعى لهما في جميع القيمة لجهالة المقضيّ عليه بسقوط السّعاية على ما مرّ آنفًا، فكذلك ههنا.


(١) الحِصّةُ: النَّصيب من الطَّعام والشَّراب والأرض وغير ذلك. انظر: لسان العرب (٧/ ١٤)، (الحصص).
(٢) انظر المبسوط للسرخسي (٧/ ١١٨ - ١١٩).
(٣) شمس الدين أبو بكر مُحَمَّد بن أبي سهل السَّرَخْسِي له كتاب (المبسوط) حققه خليل محي الدين الميس وطبعته دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بلبنان من أصول المذهب الحنفي في الفقه.
يقول عن كتابه في المقدمة (فرأيت الصواب في تأليف شرح المختصر لا أزيد على المعنى المؤثر في بيان كل مسألة اكتفاء بما هو المعتمد في كل باب). توفي (٤٣٨). انظر: كشف الظنون (١/ ٥٦٩).
(٤) إشارة إلى ما جاء في كتاب الجامع الصغير للسرخسي.
(٥) أي كتاب الهداية، ونصه ما جاء بعد وهو قوله: قال محمد: يسعى …
(٦) هنا بداية التوضيح لقول محمد -رحمه الله- ودليله ودليل أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله-، والنص بتمامه "وقال محمد -رحمه الله- يسعى في جميع قيمته" لأن المقضي عليه بسقوط السعاية مجهول ولا يمكن القضاء على المجهول فصار كما إذا قال لغيره لك على أحدنا ألف درهم فإنه لا يقضي بشيء للجهالة كذا هذا ".
انظر: الهداية (٢/ ٢٠٣).