للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالا (١) في الشّراء: يضمن الأب نصف قيمته إنّما قيّد بالشِّراء لما ذكرنا أنّه لا يلزم في الإرث بالإنفاق.

قوله: وأحدهما قد حلف بعتقه إن اشترى نصفه وإنّما قيّد بالنّصف؛ لأنّه إذا حلف بعتقه ثمّ اشتراه بشركة الآخر، لا يعتق؛ لأنّ الشّرط "شِراء" (٢) كل العبد ولم يوجد، وله (٣) أنّه رضي بإفساد نصيبه، لأنّه شاركه في علّة العتق أي في علّة العتق (٤) وهي الشِّراء فإن الشّرى علّة التملك والتملك في القريب علّة العتق، فالحكم يضاف إلى علّة العلّة، كما يضاف إلى العلّة، لما عُرف في قود الدّابة وَسَوقِهَا (٥) كما إذا أذن له بإعتاق نصيبه صريحًا، بأن قال أعتق نصيبي فأعتق نصيبه، فإن قلت لا بل قبول كلّ واحد من المشتريين شرط لصحة قبول الآخر، فإن البائع إذا أوجب البيع من رجلين، فقبل أحدهما، دون الآخر، لا يصح الإيجاب في حق القَابل أيضًا؛ لأنّ قبول الآخر لم يوجد، وهو شرط صحّة قبول القابل، ثمّ مباشرة الشّريك شرط العتق لا تُسقِط حقّه في الضّمان، كما لو قال أحد الشّريكين لصاحبه إن ضربته سوطًا فهو حرّ، فضربه صاحبه، يجب الضّمان على الحالف، كما لو أعتق نصيبه ابتداء، ولم يسقط هناك مباشرة الشّريك شرط العتق الضّمان على الحالف فينبغي أن لا يسقط الضّمان عن الشّريك المشتري أيضًا.

قلت: إنّ شراء القريب إعتاق بواسطة الملك والمشتريان صارا في هذا الشراء (٦) كشخص واحد لاتّحاد الإيجاب من البائع فلما كان كذلك فقد تحقَّقَت المشاركةُ في العلّة، إلا أنّ المشاركة في هذا السّبب يكون إعتاقًا في حق من يتمّ له العتق، لا في حقّ من لا يتمّ له علّة العتق، وإنّما يتمّ علّة العتق في حق القريب بهذا القبول، فكان هو المعتق دون شريكه ولكنّه لم يضمن لشريكه لوجود المشاركة معه في علّته فكان قبول كلّ واحد منهما جزءَ العلةِ لا شرطها.


(١) أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله-.
(٢) شِراء: في (ب) "شِرا" بدون همزه، والصحيح "شراء" على الأصل. ومثله باقي الكلمات في الآتي.
(٣) أي لأبي حنيفة -رحمه الله-.
(٤) "أي في علّة العتق" في (ب) ساقطة. والكلام يستقيم بدونها.
(٥) القَوْدُ: نَقِيضُ السَّوْقِ، فالقود للدابة يكون من الأمام، والسوق من الخلف، يقال: يَقود الدَّابّة مِن أَمامها، ويَسوقها من خَلْفِها.
انظر: المحكم والمحيط الأعظم (٦/ ٥٣٥)، تاج العروس (٩/ ٧٦)، (قود).
(٦) الشراء: في (ب) "الشِرى" هكذا بالألف المقصورة.