للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنّ شراء القريب إعتاق حتّى يخرج به عن الكفارة (١)، بخلاف الإرث فإنّه عتق لا إعتاق حتّى لا يخرج به عن الكفارة.

قوله: وهذا ضمان إفساد (٢) اعلم أنّ الضمان في باب العتق ضمانات التملّك وهو ضمان الاستيلاد؛ لأنّ الاستيلاد موضوع لطلب الولد، لا للعتق حتّى تحقق من غير عتق في المنكوحة فلا يمكن أن يجعل الواجب (٣) به ضمان عتق وهو غير موضوع له، فجعلناه ضمان تملك ثم ضمان التملك لا يسقط بالرضاء إذا لم يكن الرضاء مصرحًا به، حتّى لو استولد أحد الشّريكين الجارية بإذن شريكه لا يسقط ضمانها، وأثر ضمان التملك أيضاً هو أنّه لا يختلف حكمه باليسار والإعسار.

والثّاني: ضمان الإتلاف ويقال له أيضًا ضمان الجناية وهو ضمان الإعتاق فعن أبي يوسف -رحمه الله- في رواية أنّ ضمان الإعتاق أيضًا ضمان تملّك حتّى لا يسقط حقّ الشّريك في التّضمين بالإذن.

(وأمّا ظاهر الرواية من أصحابنا فإن هذا الضّمان سببه الإفساد والإتلاف فكان ضمان إتلاف فيختلف حكمه باليسار والإعسار بالنصّ، بخلاف القياس على ما ذكرنا فيسقط بالإذن كضمان الإتلاف الحقيقي بل أولى؛ لأنّ هذا الضّمان يسقط بالإعسار بخلاف ضمان الإتلاف الحقيقي) (٤).

وأمّا ضمان التّدبير فهو أيضاً ضمان التملك كالاستيلاد في ظاهر الرواية؛ لأنّه تملك كسبه وخدمته فصار وجوب الضّمان بمقابلة البدن فيستوي فيه الموسر والمعسر كما في الاستيلاد هذا كلّه من المبسوطين (٥) والفوائد الظهيريّة (٦) ويظهر أثر هذه الأحكام في المسألة التي تلي هذه المسألة، وقيّد بقوله (٧) في ظاهر قولهما لأنّه روى عن أبي يوسف -رحمه الله- أن هذا ضمان تملّك.


(١) الكفارة: الكفارة: (الْكَفَّارَة) مَا يسْتَغْفر بِهِ الآثم من صَدَقَة وَصَوْم وَنَحْو ذَلِك.
انظر: المعجم الوسيط (٢/ ٧٩٢).
وفي عرف الفقهاء (الكفارة): بتشديد الفاء، ما يكفر: أي يغطى به الإثم.
انظر: معجم لغة الفقهاء (١/ ٣٨٢).
(٢) جاء في البناية تعليقا على (وهذا ضمان إفساد): يجوز أن يكون جوابا عما يقال إنما كان الرضا مسقطا للضمان أن لو كان ضمان إفساد، وأما إذا كان ضمان تملك فلا يسقط به كما إذا استولد أحد الشريكين الجارية بإذنه فإنه لا يسقط به الضمان لأنه ضمان تملك إذ الاستيلاد موضوع لطلب الولد لا للعتق، فلا يمكن أن يجعل الواجب به ضمان عتق وهو غير موضوع له فكان ضمان تملك. انظر: العناية (٤/ ٤٧٧).
(٣) الواجب لغة: من الوجوب وهو اللزوم.
انظر: الصحاح (١/ ٥٦٤٢)، لسان العرب (١/ ٧٩٣)، القاموس المحيط (١/ ١٤١)، (وجب).
وفي عرف الفقهاء: ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه.
انظر: كشف الأسرار (١/ ١١٩).
(٤) انظر المبسوط للسرخسي (٧/ ٧٤).
(٥) المبسوطين هما مبسوط السرخسي (١٧/ ١٤٩) وكتاب الاصل ويسمى المبسوط للشيباني.
(٦) الفوائد الظهيرية لمحمد بن احمد بن عمر ظهير الدين أبو بكر البخاري، المحتسب ببخارى، القاضي الفقيه الأصولي وهو فوائد على الجامع الصغير للحسام الشهيد سماها الفَوَائِد الظَّهِيرِيَّة في الفقه توفي حمه الله سنة تسعة عشر وست مائة هـ، وهي غير مطبوع، وله (الفتاوى الظهيرية-مخطوط).
انظر: الفوائد البهية (١٥٦)، كشف الظنون (٢/ ١٢٩٨)، الجواهر المضية (٢/ ٢٠)، معجم المؤلفين (٨/ ٣٠٣).
(٧) جاء في الهداية: وهذا ضمان إفساد في ظاهر قولهما.
انظر: الهداية (٢/ ٣٠٤)، فقول صاحب الهداية " وهذا ضمان إفساد " قيده بقوله " في ظاهر قولهما ".