للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا يختلف باليسار والإعسار ولا يختلف الجواب بين العلم وعدمه وهو ظاهر الرواية عنه

أي عن أبي حنيفة -رحمه الله- وإنما قيّد بظاهر الرواية عنه؛ لما أنّه روى الحسن بن زياد (١) أنّه فصل بين ما إذا كان الشّريك عالمًا بالقرابة وبين ما إذا لم يكن عالمًا بها في حكم الضّمان؛ لأنّ رضاه لا يتحقق إذا لم يكن عالمًا به، وفي ظاهر الرواية لا فرق بينهما؛ لأنّ الُمسقِط لحقه في الضّمان مشاركته في السّبب، أي العلّة وذلك لا يختلف بعلمه وجهله، ثم هو بهذه المشاركة مباشر سبب إسقاط حقّه في الضّمان فلا يختلف ذلك بعلمه وجهله بمنزلة الغاصب إذا أطعم المغصوب للمغصوب منه، فتناوله وهو لا يعلم أنّه طعامه لا يكون له أن يضمن الغاصب شيئًا كذا ذكره شمس الأئمة السّرخسي -رحمه الله- في الجامع الصّغير (٢).

وأمّا ما ذكر في الكتاب (من الأمر بأكل الطعام والطّعام طعام الآمر، والآمر لا يعلم أن هذا الطّعام طعامه فقال لغيره كل فأكله المخاطب فليس للآذن وهو الآمر المالك أن يضمن الآكل شيئًا، وإن لم يعلم أنّه له، بل إنّما أمره على ظنّ أنّه ليس له، وذكر شمس الأئمة السّرخسي -رحمه الله- هذا النّظر في المبسوط). (٣)

وما ذكرته من أنّ الطّعام طعام المأمور في الجامع الصّغير وكلاهما مستقيم في كونه نظيراً لمسألتنا في أنّ الرضاء بالسّبب رضاء بحكمه، وإن لم يعلم جِهة حكمه، ومعناه إذا اشترى نصفه ممّن يملك كلّه (٤)، وإنّما قيّد به (٥) لأنّه إذا اشترى نصيب أحد الشّريكين منه يضمن للسّاكت بالإجماع.


(١) الإمام الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي، صاحب الإمام أبي حنيفة وتلميذه، كان حسن الخُلق يقظًا، فطنًا، فقيهًا، تولى قضاء الكوفة، وكان حافظًا للروايات عن أبي حنيفة، كان محبًا للسنّة واتّباعها، حتى كان يكسو مماليكه مما كان يكسو به نفسه، وكان يقول: كتبت عن ابن جريج اثني عشر ألف حديث كلها يحتاج إليها الفقهاء، له: المجرد، الأمالي
(ت ٢٠٤ هـ). انظر: الفوائد البهية (ص/ ١٠٤)، الجواهر المضية (٢/ ٥٦)، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (٧/ ٣١٤).
(٢) شرح الْجَامِع الصَّغِير للشيباني فِي الْفُرُوع.
انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير للشيباني (١/ ٤٦٨).
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ٧٣).
(٤) هذا جزء من كلام صاحب الهداية مما جاء في نص هذه المسألة: "ومن اشترى نصف ابنه وهو موسر فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة -رحمه الله- وقالا يضمن إذا كان موسرا" ومعناه: إذا اشترى نصفه ممن يملك كله فلا يضمن لبائعه شيئا عنده والوجه قد ذكرناه. " انظر: الهداية (٢/ ٣٠٤).
(٥) شراء الأب لنصف ابنه ممن يملكه كله.