للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكره (١) وهو قوله: وإن بدأ الأجنبي (٢) فاشترى نصفه ثم اشترى الأب نصفه الآخر، وهو موسر إلى آخره (٣). والوجه قد ذكرناه (٤) إشارة إلى قوله: لهما أنّه أبطل (٥).

[٤٠٣/ ب] وقال:/ وله أنه رضي (٦) فأرادوا الضّمان (٧) هذا على طريق التّغليب حيث ذكر بلفظ الجمع لما أن المعتق لا يريد الضّمان أصلاً والمريد للضمان هو السّاكت والمدبّر لا المعتق لتعذّر الجمع شرعًا بين كونه معتقًا ومضمنًا غيره، ولا يُضمنه الثُّلث الذي ضمن، أي لا يضمن المدبّر المعتق ثلث القن الذي ملكه المدبّر بإزاء الضّمان إلى السّاكت؛ لأنّه لما ضمن السّاكت المدبّر كان المدبّر مالكًا نصيب السّاكت فلا يضمن المدبّر المعتق هذا الثلث، بل يضمن المدبّر المعتق ثلث قيمة العبد مدبّرًا، للمعنى الذي يذكر بعد بيان هذا (٨) إن قيمة العبد لو كانت سبعة وعشرين دينارًا مثلاً فإن السّاكت يضمن المدبّر تسعة والمدبّر يضمّن المعتق ستة، وذلك لأنّ قيمة المدبر ثلثا قيمة القنّ، لما يذكر فبالتّدبير تلفت منه تسعة فكان الإتلاف بالإعتاق واقعًا على قيمة المدبّر وهي ثلثا قيمته القنّ وهو ثمانية عشر وثلث ثمانية عشر ستة، فيضمن المدبّر المعتق تلك الستة فقط ولا يضمنه التسعة التي هي نصيب السّاكت مع تلك الستة التي يضمنه إياها.


(١) ذكره: أي صاحب الهداية.
(٢) الأجنبي: البعيد منك في القرابة أو في الغربة أو من ليس له علاقة بالشيء، يقال: هو أجنبي من هذا الأمر أي لا تعلق له به ولا معرفة. انظر: تاج العروس (٢/ ١٨٧)، المعجم الوسيط (١/ ١٣٨)، معجم لغة الفقهاء (١/ ٤٤).
والمعنى الأخير هو المعنى المراد هنا. فالأجنبي عن الشركة لا تعلق له بها.
(٣) النص بتمامه: " وإن بدأ الأجنبي فاشترى نصفه ثم اشترى الأب نصفه الآخر وهو موسر فالأجنبي بالخيار إن شاء ضمن الأب " لأنه ما رضي بإفساد نصيبه " وإن شاء استسعى الابن في نصف قيمته " لاحتباس ماليته عنده " وهذا عند أبي حنيفة -رحمه الله- " لأن يسار المعتق لا يمنع السعاية عنده وقالا لا خيار له ويضمن الأب نصف قيمته لأن يسار المعتق يمنع السعاية عندهما. انظر: الهداية (٢/ ٣٠٤).
(٤) هذه العبارة جزء من مسألة ذكرت بتمامها في نفس الصفحة، في الهامش السابق.
(٥) لهما أنه أبطل نصيب صاحبه بالإعتاق لأن شراء القريب .... مر بيان ذلك ص (١٣٤).
(٦) هذا دليل لأبي حنيفة على أن من اشترى نصف ابنه وهو موسر فلا ضمان عليه؛ لأنه رضي بإفساد نصيبه فلا يضمنه كما إذا أذن له بإعتاق نصيبه صريحا. انظر: الهداية (٢/ ٣٠٤).
(٧) هذا بداية مسألة ونصها بتمامها: " وإذا كان العبد بين ثلاثة نفر فدبره أحدهم وهو موسر ثم أعتقه الآخر وهو موسر فأرادوا الضمان فللساكت أن يضمن المدبر ثلث قيمته قنا ولا يضمن المعتق وللمدبر أن يضمن المعتق ثلث قيمته مدبرا ولا يضمنه الثلث الذي ضمن وهذا عند أبي حنيفة -رحمه الله- وقالا العبد كله للذي دبره أول مرة ويضمن ثلثي قيمته لشريكيه موسرا كان أو معسرا ".
وأصل هذا أن التدبير يتجزأ عند أبي حنيفة -رحمه الله- خلافا لهما كالإعتاق لأنه شعبة من شعبه فيكون معتبرا به ولما كان متجزئا عنده اقتصر على نصيبه وقد أفسد بالتدبير نصيب الآخرين فلكل واحد منهما أن يدبر نصيبه أو يعتق أو يكاتب أو يضمن المدبر أو يستسعي العبد أو يتركه على حاله لأن نصيبه باق على ملكه فاسدا بإفساد شريكه حيث سد عليه طرق الانتفاع به بيعا وهبة على ما مر فإذا اختار أحدهما العتق تعين حقه فيه وسقط اختياره غيره فتوجه للساكت سببا ضمان تدبير المدبر وإعتاق هذا المعتق غير أن له أن يضمن المدبر ليكون الضمان ضمان معاوضة إذ هو الأصل حتى جعل الغصب ضمان معاوضة على أصلنا وأمكن ذلك في التدبير لكونه قابلا للنقل من ملك إلى ملك وقت التدبير ولا يمكن ذلك في الإعتاق لأنه عند ذلك مكاتب أو حر على اختلاف الأصلين ولا بد من رضا المكاتب بفسخه حتى يقبل الانتقال فلهذا يضمن المدبر ثم للمدبر أن يضمن المعتق ثلث قيمته مدبرا لأنه أفسد عليه نصيبه مدبرا والضمان يتقدر بقيمة المتلف وقيمة المدبر ثلثا قيمته قنا على ما قالوا ولا يضمنه قيمة ما ملكه بالضمان من جهة الساكت =لأن ملكه يثبت مستندا وهذا ثابت من وجه دون وجه فلا يظهر في حق التضمين والولاء بين المعتق والمدبر أثلاثا ثلثاه للمدبر والثلث للمعتق لأن العبد عتق على ملكهما على هذا المقدار وإذا لم يكن التدبير متجزئا عندهما صار كله مدبرا للمدبر وقد أفسد نصيب شريكيه لما بينا فيضمنه ولا يختلف باليسار والإعسار لأنه ضمان تملك فأشبه الاستيلاد بخلاف الإعتاق لأنه ضمان جناية والولاء كله للمدبر وهذا ظاهر. انظر: الهداية (٢/ ٣٠٤).
(٨) إشارة إلى قول صاحب الهداية " للمدبر أن يضمن المعتق ثلث قيمته مدبرا لأنه أفسد عليه نصيبه مدبرا والضمان يتقدر بقيمة المتلف " انظر: الهداية (٢/ ٣٠٤).