للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: على ما قالوا إشارة إلى أنّ فيه اختلافًا.

وذكر شيخ الإسلام (١) -رحمه الله- في قيمة المدبّر اختلاف المشايخ (٢) قال بعضهم: نصف قيمة القنّ؛ لأنّ قبل التّدبير كان له فيه نوعا منفعة منفعة البيع وما شاكله ومنفعة الإجارة وما شاكلها وقد زال أحدهما وهو البيع وبقي الآخر، وقال بعضهم: قيمته قيمة الخدمة ينظر بكم يستخدم هو مدّة عمره من حيث الحزر (٣) والظن وما قاله شيخ الإسلام أصحّ وعليه الفتوى كذا في التتّمة (٤)، وقيمة أمّ الولد ثلث قيمة القنّ؛ لأنّ البيع والاستسعاء قد انتفيا، فبقي ملك الإعتاق، وقيمة المكاتب نصف قيمة القنّ؛ لأنّ المكاتب حرٌ يدًا، وبقيت الرقبة والقنّ مملوك يدًا ورقبة، فكان الكاتب نصف القن، ولا يضمنه أي لا يضمن المدبّر المعتق قيمة ما ملكه بالضّمان، يعني لما أدّى المدبّر إلى السّاكت ضمان نصيب السّاكت، وهو ثلث قيمته قِنًا ملك المدبّر نصيب السّاكت، واجتمع ثلثا العبد في ملك المدبّر، ثم للمدبّر أن يضمن قيمة ما كان له في الأصل وهو الثلث مدبّرًا؛ لأن نصيبه بعد التّدبير كان منتفعًا من الوجه الذي ذكرنا وقد فسد بالإعتاق فيضمن، كمن غصب مدبرًا فأبق منه يضمن قيمته مدبرًا كذلك ههنا.


(١) يُطلق هذا اللفظ على عدد من علماء المذهب الحنفي، وعند الإطلاق ينصرف إلى علي بن محمد الإسبيجابي، على ما صرح به القرشي في الجواهر المضية (٤/ ٤٠٧). أو يطلق على أبي بكر خواهر زاده على ماذكره ابن العابدين -رحمهم الله- كما في عطر الورود للأجراروي (ص ٥٣).
(٢) المراد ب «المشايخ» في اصطلاح الحنفية من لم يدرك الإمام أبا حنيفة -رحمه الله- من علماء مذهبه، هذا هو الاصطلاح العام لدى علماء الحنفية، وقد يخرج بعضهم عنه، كصاحب الهداية -رحمه الله-، حيث يريد بقوله: «مشايخنا» علماء ما وراء النهر من بخارى وسمرقند.
انظر: رد المحتار لابن عابدين (٤/ ٤٩٥)، مقدمة عمدة الرعاية للكنوي (ص ١٥)، ومقدمة الهداية له (ص ٣)، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي (١/ ٥١)، مقدمة في الفقه لأبالخيل (ص ١١٧).
(٣) الحزر: هو التقدير بالظن، يقال: حزر الشيء يحزره حزرا.
وفي عرف الفقهاء بمثل معناه في اللغة. انظر: لسان العرب (٤/ ١٨٥)، تهذيب اللغة (٤/ ٢٠٨) حزر، طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (١/ ١٤٩).
(٤) التتمة: من كتب الحنفية: تتمة الفتاوى، للإمام برهان الدين محمود بن أحمد بن عبد العزيز الحنفي، صاحب (المحيط) (ت ٦١٦ هـ)، ذكر أن الصدر الشهيد حسام الدين جمع ما وقع إليه من الحوادث والواقعات، وضم إليها ما في الكتب من المشكلات، واختار في كل مسألة فيها روايات مختلفة، وأقاويل متباينة ما هو أشبه بالأصول، غير أنه لم يترتب المسائل ترتيبا، وبعد ما أكرم بالشهادة قام بعضهم بترتيبها وتبويبها، وبنى له أساسا، وجعلها أنواعا، وأجناسا، ثم إن العبد الراجي محمود بن أحمد بن عبد العزيز زاد على كل جنس ما يجانسه، وذيل على كل نوع ما يضاهيه. انظر: كشف الظنون (١/ ٣٤٣).