للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنّما يضمن المعتق للمدبّر قيمته مدبّرًا؛ لأنّ نقصان التّدبير كان حاصلاً قبل الإعتاق، وليس للمدبر أن يضمن المعتق قيمة الثلث الذي يملك على السّاكت بأداء الضّمان لوجهين:

أحدهما: أنه ملك المضمون مستندًا والمستند ثابت من وجه دون وجه فلا يظهر ثبوت الملك في حق المعتق.

والثّاني: أنّه لما انتقل نصيب السّاكت إلى المدبر قام المدبّر مقام السّاكت في ذلك الثلث، أو السّاكت كان لا يملك تضمين المعتق، فكذلك من قام مقامه، وللمدبّر أن يستسعى العبد في ذلك الثلث، لأنّ السّاكت كان يَملِكُ الاستسعاء فكذا من قام مقامه، وإذا مات المدبر عتق العبد، وكان ولاؤه بين المعتق وبين عصبة المدبّر أثلاثًا، ثلثاه لعصبة المدبّر وثلثه للمعتق، لأنّه عتق عليهما أثلاثًا كذا في الجامع الصّغير (١) لقاضي خان -رحمه الله-.

قوله: لأَنَّ مِلكَهُ ثَبت مُسْتَنِدًا وهو ثَابِتٌ من وجهٍ دُون وجهٍ (٢) أي ثابت من وجه، من حيث إنّه ملك نصيب السّاكت بالضّمان، وليس بثابت من وجه من حيث إنه لم يكن مالكًا حالة التّدبير، فإذا كان كذلك لم يظهر في حق الثّالث بالتّضمين، فإن قيل: يُشكل بما إذا أعتق أحد الشّريكين وهو موسر يؤدّي المعتق الضّمان ثم يرجع على العبد بما ضمن للسّاكت مع أنّ العبد ثالثهما.

قلنا: المعتق بأداء الضّمان قام مقام الشريك وللشّريك ولاية استسعاء العبد فكذا للمعتق، أمّا ههنا المدبّر قام مقام السّاكت بأداء الضّمان إلى السّاكت وليس للسّاكت ولاية تضمين المعتق لما ذكرنا من تعيّن تضمين المدبّر لكون ذلك التضمين تضمين معاوضة وهو الأصل، فكذلك ليس للمدبّر أن يضمّن المعتق ما ملك من نصيب السّاكت.

[٤٠٤/ ب] قلتُ: والدّليل على أنّ عدم تضمين المدبر المعتق ما ملك من نصيب السّاكت باعتبار أنّه ثابت له من وجه دون وجه حتى أن تملكه ذلك النصيب لو كان ثابتًا له من كلّ وجه كان له أن يضمن المعتق، وهو ما إذا كان إعتاقه بعد أداء المدبّر قيمة نصيب السّاكت إلى السّاكت فحينئذ كان هو نظير إعتاق أحد الشريكين حيث يرجع على العبد بالاستسعاء إذا أدّى نصيب الساكت (٣)، فإنّه ذكر الإمام/ التمرتاشي -رحمه الله- ولو ضمن السّاكت المدبّر نصيبه ثم أعتقه الثاني كان للمدبّر أن يضمن المعتق ثلثي قيمته ثلثه مدبّرًا وثلثه قنًا؛ لأنّ الإعتاق وجد بعد تملك المدبّر نصيب السّاكت فله تضمين كل ثلث بصفته.


(١) انظر: العناية (٤/ ٤٨٣).
شرح الْجَامِع الصَّغِير للقاضي خان. انظر: أسماء الكتب المتمم لكشف الظنون (١/ ١٢٠).
(٢) قوله: لأن ملكه … تعليل لهذا القول: ليس للمدبر أن يضمن المعتق قيمة الثلث الذي تملك على الساكت بأداء الضمان.
(٣) "الساكت" هكذا في (ب) وهي ساقطة من (أ).