للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: قد ذكرت أنّ المراد من هذه الضّمانات هي الضّمان الذي يتعلّق بباب الإعتاق، فكانت الجناية والتملك راجعين إليه، ثم ضمان الجناية التي تتعلّق بباب الإعتاق اختلف حكمه باليسار والإعسار بالنص، بخلاف القياس وهو قوله -عليه السلام-: «في الرجل يعتق نَصِيبه إن كان غنيًا ضَمِن وإن كان فقيرًا سَعى العبد في حِصّة الآخر» (١) فلا يقاس عليه غيره؛ لأنّ من شرط صحة القياس أن يكون النص موافقًا للقياس فهي موقوفة يومًا (٢) أي يرفع عنها الخدمة يومًا ليس لها غير ذلك لا سبيل عليها أي لا سبيل عليها بالاستسعاء، واختلف مشايخنا في الخدمة للمنكر هل تخدم يومًا للمنكر عندهما؟ والصّحيح أنّها لا تخدم وقالا (٣): إن شاء المنكر استسعى الجارية في نصف قيمتها ثم هي حرّة هما يقولان إن مال المنكر احتبس عند الجارية على وجه لا يملك تضمين الغير فكان له حق الاستسعاء، كأم ولد النّصراني إذا أسلمت يخرج إلى العتق بالسّعاية؛ وإنّما قلنا ذلك؛ لأنّ المقرّ لو أقرّ على نفسه بالاستيلاد يصح فإذا … أضاف الاستيلاد إلى شخص يملك الاستيلاد (٤) وأنكر ذلك الشّخص يُنَفَّذ على المقر كمن اشترى عبدًا ثم أقرّ أنّ البائع أعتقه قبل البيع، وأنكر البائع نفذ على المشتري (٥) وكذلك أحد الشريكين إذا شهد على صاحبه بالإعتاق وأنكر صاحبه ينفذ على المقرّ،


(١) سبق تخريجه في ص (١٠١).
(٢) هذه عبارة من مسألة بدأ المصنف هنا في توضيح عباراتها: وَإِذا كَانَت جَارِيَة بَين رجلَيْنِ زعم أَحدهمَا أَنَّهَا أم ولد لصَاحبه وَأنكر ذَلِك الآخر فَهِيَ مَوْقُوفَة يَوْمًا وَيَوْما تخْدم الْمُنكر عِنْد أبي حنيفَة -رحمه الله- وَقَالا إِن شَاءَ الْمُنكر استسعى الْجَارِيَة فِي نصف قيمتهَا ثمَّ تكون حرَّة لَا سَبِيل عَلَيْهَا وَإِن كَانَت أم ولد بَينهمَا فَأعْتقهَا أَحدهمَا وَهُوَ مُوسر فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ عِنْد أبي حنيفَة -رحمه الله- وَقَالا يضمن نصف قيمتهَا.
لهما أنه لما لم يصدقه صاحبه انقلب إقرار المقر عليه كأنه استولدها فصار كما إذا أقر المشتري على البائع أنه أعتق المبيع قبل البيع يجعل كأنه أعتق كذا هذا فتمتنع الخدمة ونصيب المنكر على ملكه في الحكم فتخرج إلى الإعتاق بالسعاية كأم ولد النصراني إذا أسلمت ولأبي حنيفة -رحمه الله- أن المقر لو صدق كانت الخدمة كلها للمنكر ولو كذب كان له نصف الخدمة فيثبت ما هو المتيقن به وهو النصف ولا خدمة للشريك الشاهد ولا استسعاء لأنه يتبرأ عن جميع ذلك بدعوى الاستيلاد والضمان والإقرار بأمومية الولد يتضمن الإقرار بالنسب وهذا أمر لازم لا يرتد بالرد فلا يمكن أن يجعل المقر كالمستولد ".
انظر: الهداية (٢/ ٣٠٥، ٣٠٦).
(٣) أبي يوسف ومحمد -رحمهما الله-.
(٤) " إلى شخص يملك الاستيلاد" هكذا في (ب) وهي ساقطة في (أ).
(٥) هذه العبارة: "وكذلك أحد الشّريكين إذا شهد على صاحبه بالإعتاق وأنكر صاحبه ينفذ على المشتري" زائدة في (أ).