للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا لو قال لعبدين له: أحدكما حرّ فقطع إنسان يدهما كان على القاطع أرش العبدين، وإذا صحّ الكلام الثّاني في حق الدّاخل كان الكلام الثّاني في حق الدّاخل بمنزلة الكلام الأوّل في حق الخارج، فيعتق منه نصفه، وإنّما يعتق من الثّابت ربعه بالكلام الثّاني، لأنّ الكلام الأوّل عمل في حق الثّابت حتى تثبتَ له المطالبة بالبيان، ويتعيّن العتق إذا زالت مزاحمة الخارج بالموت ونحوه كالبيع والهبة (١) ويشيع العتق فيهما إذا مات المولى قبل البيان، لما ذكرنا بأن قوله أحدكما نكره من وجه دون وجه، فاعتبر العتق واقعًا في المحلّ في حقّهما ولم يعتبر تعليقًا، وإذا اعتبر الكلام الأوّل تنجيزًا في حقّهما؛ فإن أراد به الخارج صحّ الكلام الثّاني، وإن أراد به الثّابت لا يصحّ، فكان الكلام الثّاني متردّدًا في حق الثّابت فيعتق ربعه، وأمّا مسألة الزيادات فقيل: ذاك قول محمّد -رحمه الله-.

وأمّا على قولهما فللدّاخلة ثلاثة أرباع المهر (٢) ولئن كان ما ذكر في الزيادات قول الكلّ فالفرق لأبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله- أن الكلام الأوّل يعتبر تعليقًا في حق الدّاخل في حق حكم يقبل التعليق، ووقوع العتق يحتمل التّعليق، أمّا البراءة عن المهر ممّا لا يحتمل التّعليق فاعتبر الكلام تنجيزًا في حق هذا الحكم.

وإذا اعتبر تنجيزًا كان الكلام الثّاني متردّدًا، فأوجب سقوط ربع المهر؛ لأنّه لو كان صحيحًا من كلّ وجه يوجب نصف المهر، فإذا كان مترددًا يوجب الربع؛ لأنّه يوجب براءة النّصف إذا كان المراد بالإيجاب الأوّل الخارجة، ولا يوجب براءة شيء إذا كان المراد الثّابتة، فأوجب براءة ربع المهر بين الثّابتة والخارجة.

والفرق الثّاني لهما: هو أنّ الإيجاب الثّاني صحيح في حقّ الدّاخل والثّابت من كلّ وجه، أمّا في حق الدّاخل فلا شك، وكذا في حقّ الثّابت أمّا على قول أبي حنيفة -رحمه الله- فظاهر؛ لأنّ الثّابت قد عتق بعضه لا كلّه، ومعتق البعض محل للإعتاق، فصحّ اللّفظ الثّاني على كلّ حال بخلاف الطّلاق؛ لأنّه لا يتجزى.


(١) هكذا في (ب) ويوجد هنا في (أ) عبارة زائدة لا توجد في (ب) وهي " ويشيع العتق فيهما إذا زالت مزاحمة الخارج بالموت ونحوه".
(٢) المَهرُ: عرف بتعريفات متعددة منها: أنه المذكور في العقد؛ لأنه اسم لما يملك به البضع. وعرف بأنه: المال يجب في عقد النكاح على الزوج في مقابلة منافع البضع.
انظر: بدائع الصنائع (٢/ ٢٨٦)، هو المهر. العناية (٣/ ٣١٦).
وللمهر أسام أخر منها: النحلة والصداق والعقر والعطية والأجرة والصدقة والعلائق والحباء.
انظر: البحر الرائق (٣/ ١٥٢).