للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا على قول أبي يوسف -رحمه الله- فإنّ الإعتاق وإن كان لا يتجزى لكن الثّابت دار بين أن يكون حرًا وبين أن يكون عبدًا فكان كالمكاتب، والمكاتب محلّ للعتق بخلاف الطّلاق؛ لأنّ ثمة ليس بين أن تكون المرأة طالق وغير طالق حالة ثالثة، هذا إذا كانت الإجابات في صحّة المولى، فإن كانت في مرضه ومات إن خرجوا من الثلث، فكذلك الجواب، وإن لم يكن له مال آخر ولم يجز الورثة قسم الثّلث بينهم على قدر سهامهم، فحق الخارج في نصف الرقبة وهو سهمان، وحقّ الثّابت في ثلاثة أرباعه وهو ثلاثة أسهم، وحق الدّاخل عندهما في نصف الرقبة وهو سهمان، فبلغ سهام العتق سبعة، اجعل هذا ثلث المال وثلثا المال أربعة عشر فيكون كل عبد سبعة عتق من الخارج سهمان ويسعى في خمسة.

ومن الثّابت ثلاثة ويسعى في أربعة ومن الدّاخل سهمان، ويسعى في خمسة فيكون سهام العتق سبعة، وسهام السّعاية أربعة عشر، فاستقام الثّلث والثلثان وعلى قول محمّد -رحمه الله-، حق الداخل في ربعه وهو سهم واحد، فكان سهام العتق عنده ستة، وثلث، المال ستة كل رقبة ستّة عتق من الخارج سهمان ويسعى في أربعة، ومن الثّابت ثلاثة، ويسعى في ثلاثة من الدّاخل سهم، ويسعى في خمسه فيستقيم الثلث والثلثان.

فإن قيل: في هذا المجموع سؤال كلي يرد على قول أبي يوسف ومحمّد -رحمهما الله- وهو أنّه كيف يتصوّر تجزئة العتق بالنّصف والربع وثلاثة الأرباع عندهما مع أنّ إعتاق البعض إعتاق الكلّ عندهما؟

[٤٠٧/ أ] فكان ينبغي أن يعتق كلّ واحد منهم، ولا يسعى في شيء إذا كانوا يخرجون من الثلث أو لا يخرجون عندهما؛ لأنّه ثبت العتق في شيء من كل واحد منهم فكان/ ثابتًا في كلّ واحد منهم لما أنّ الإعتاق لا يتجزى عندهما.

قلنا: الإعتاق عندهما لا يتجزّى إذا صادف محلاً معلومًا، وأمّا إذا كان الإعتاق ثبوته بطريق التوزّع والانقسام باعتبار الأحوال فلا؛ لأنّ ثبوته حينئذ بطريق الضّرورة، إذ لا يمكن ترجيح أحدهما على الآخر والثّابت بالضّرورة لا يعدو (١) موضعه. كذا في جامعي قاضي خان والتمرتاشي -رحمهما الله- والفوايد الظهيرية (٢).

(فباع أحدهما أو مات) (٣) وفي الإيضاح (٤) ولو أعتق أحدهما بعد قوله إحداكما حرّة ثم قال أردت به ذلك العتق فالقول قوله؛ لأنّ هذا اللّفظ يصلح إنشاء، فكذا يصلح للبيان الذي هو بمعنى الإنشاء، لأنّه لم يبق محلًا للعتق أصلًا بالموت.


(١) " لا يعدو" في (ب) "لا يعودا" والصواب ما في (أ).
(٢) انظر: العناية (٤/ ٤٩٥).
(٣) هذه عبارة من مسألة بدأ المؤلف بإيضاحها، ونصها بتمامها: " ومن قال لعبديه أحدكما حر فباع أحدهما أو مات أو قال له أنت حر بعد موتي عتق الآخر لأنه لم يبق محلا للعتق أصلا بالموت وللعتق من جهته بالبيع وللعتق من كل وجه بالتدبير فتعين له الآخر " ولأنه بالبيع قصد الوصول إلى الثمن وبالتدبير إبقاء الانتفاع إلى موته والمقصودان ينافيان العتق الملتزم فتعين له الاخر دلالة وكذا إذا استولد إحداهما للمعنيين ولا فرق بين البيع الصحيح والفاسد مع القبض وبدونه والمطلق وبشرط الخيار لأحد المتعاقدين لإطلاق جواب الكتاب والمعنى ما قلنا والعرض على البيع ملحق به في المحفوظ عن أبي يوسف -رحمه الله- والهبة والتسليم والصدقة والتسليم بمنزلة البيع لأنه تمليك " وكذلك لو قال لامرأتيه إحداكما طالق ثم ماتت إحداهما " لما قلنا وكذلك لو وطئ إحداهما لما تبين. انظر: الهداية (٢/ ٣٠٧).
(٤) انظر: العناية (٤/ ٥٠٠).
كتاب الْإِيضَاحِ في شرح التجريد، لايزال مخطوط في ثلاث مجلدات مؤلفه عبد الرحمن بن مُحَمَّد بن أميرويه، أبو الفضل الكرماني: فقيه حنفي مولده بكرمان ووفاته بمرو سنة (٥٤٣ هـ).
انظر: الأَعْلَام للزركلي (٣/ ٣٢٧)، كشف الظنون (١/ ٦٥).