للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: يُشكل هذا بما لو قال لأمتيه إحدى هاتين ابنتي؛ أو أم ولدي وماتت إحديهما لم تتعيّن الحرية والاستيلاد في الحية، والمسألة في الجامع الصّغير للإمام التمرتاشي -رحمه الله- (١).

قلت: هو ليس بإيقاع له بصيغته بل إخبار، ويجوز أن يخبر هذا (٢) عن الميّت والحي فيرجع إلى بيان المولى فأمّا الإنشاء فلا يصحّ إلا في الحي.

وأمّا في مسألتنا: فإنّما يتعيّن الآخر للعتق عند موت أحدهما؛ لأن البيان قائم بوصفين بوصف الإنشاء، وبوصف الإظهار. بيان ذلك أن قوله: أحدكما قاصر الدلالة عن (٣) أحدهما بعينه فإذا لا يثبت العتق في واحد منهما بعينه، هذا معنى ما قيل العتق غير ثابت، فبالنّظر إلى هذا يكون البيان إنشاء ومن حيث إنّ العتق لا يعدوهما كان البيان إظهارًا ولهذا يعتبر البيان من جميع المال، وإن كان البيان في مرض الموت لوجود العتق المبهم في الصحّة، وإذا كان كذلك فإنما يصحّ البيان في محلّ يحتمل الإنشاء، والميّت لا يحتمل الإنشاء فتعيّن الآخر للعتق ضرورة كذا في الإيضاح (٤) والفوايد الظهيرية.

وفي الجامع ما يصلح تعيينًا في الإعتاق المبهم المرسل، يصلح تعيينًا في الإعتاق المعلّق؛ بأن قال لعبديه: إذا جاء غدًا فأحدكما حرّ فمات أحدهما أو تصرف فيه تصرف الملاك ثم جاء الغد عتق الباقي لزوال المزاحم، ولو قال قبل مجيء الغد اخترت أن يقع العتق غدًا على هذا بعينه لم يعتبر ذلك؛ لأنّه (٥) إخبار قبل وقت الخيار فلم يصح.

كما لو قال: أنت حرّ إن دخلت هذه الدّار وهذه (٦) الدّار، ثم عتق أحدهما للحنث لم يصح تعيينه (٧) ولو باع أحدهما اليوم ثم اشتراه ثم جاء الغد، أو باعهما ثم اشتراهما ثم جاء الغد عتق أحدهما؛ لأنّ البيع لا يغيّر حكم التّعليق كذا ذكره الإمام التمرتاشي -رحمه الله- (٨).

(وكذا إذا استولد إحديهما بأن وطى إحديهما فعلقت منه؛ لأنّها صارت أم ولد له فمن ضرورة صحّة أمية الولد واستحقاق العتق بها انتفاء العتق المنجز عنها، وإذا انتفى عن إحديهما تعيّن في الأخرى لزوال المزاحمة) كذا في المبسوط. (٩)


(١) انظر: البناية (٦/ ٦٢).
(٢) " بهذا " هكذا في (ب) وفي (أ) "هذا "، والصواب ما في (ب).
(٣) " عن " هكذا في (ب) وفي (أ) " من "، والصواب ما في (ب)، ويكون التقدير: قاصر الدلالة: عن عتق أحدهما.
(٤) انظر: العناية (٤٠/ ٤٩٩).
(٥) " لأنه " في (ب) " لا "، والصواب ما في (أ).
(٦) " وهذه " في (أ) وفي (ب) "أو هذه ".
(٧) " تعيينه "في (أ)، وفي (ب) "تعينه"
(٨) انظر: المحيط البرهاني (٤/ ٣٧).
(٩) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ٨٦).