للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا فرق بين البيع الصّحيح والفاسد مع القبض (١) وبدونه، أي بدون القبض في البيع الفاسد يثبت البيان في أنّ المراد بالعتق الآخر؛ وإنّما لم يشترط اتصال القبض في البيع الفاسد للبيان؛ لأنّ انتفاء العتق عنه ما كان لضرورة ثبوت الحكم، ولكن لدلالة وجود تصرف يختص بالملك، ألا ترى أنّه لو ساوم بأحدهما تعيّن الآخر للعتق والسّوم (٢) أدون في العقد الفاسد، وأمّا إذا حلف بعتق أحدها فقد علّق حرّيته بالشّرط، والمعلق عدم للحال فإذا ذكر ما يدلّ على انعدام العتق فيه تعيّن الآخر للعتق، وروي عن محمّد -رحمه الله- أن اليمين إذا كانت سابقة على الحريّة المجهولة (٣) فَعَتِقَ (٤) لوجود الشّرط تعيّن الآخر؛ لأنّه فات المحلّ فصار كما لو مات.

وذكر محمّد -رحمه الله- في الإملاء إذا وهب أحدهما وأقبضه (٥) أو تصدّق وقبض (٦) عتق الآخر، وقضيتُهُ مسألة البيع الفاسد أن يثبت العتق في الآخر بدون الإقباض وإنّما ذكر الإقباض هنا وفي البيع الفاسد على سبيل التأكيد، فعلى هذا كان ذكر التّسليم في قوله: والهبة والتسليم والصّدقة والتسلّم (٧) بمنزلة البيع كان على وجه التأكيد لا على وجه الشّرط.

[٤٠٧/ ب] فإن قلت: يشكل على ما ذكره من مسألة الموت ما ذكره في المبسوط (٨) والإيضاح (٩) / (أنّه لو اشترى أحد العبدين (١٠) وسمّى لكلّ واحد منهما ثمنًا، وشَرط الخيار لنفسه ثمّ مات أحدهما تعيّن البيع في الهالك، وههنا يتعين العتق في القائم لا في الهالك، فكما أنّ إنشاء العتق يقتضي الحياة فكذلك إنشاء البيع والاختيار فيه يقتضي الحياة أيضًا، فمن أين وقع الفرق بينهما؟


(١) القبض: الأخذ، يقال: قبضت الشيء قبضا: أخذته.
انظر: الصحاح (٣/ ١١٠٠)، (قبض).
(٢) السَّوْمُ: عَرْضُ السِّلْعَةِ على البيعِ. ويقال: سُمتُ فُلانًا سِلعتي سَوماً إذا قلتَ أَتأْخُذُها بكذا من الثَّمَنِ؟
انظر: لسان العرب (١٢/ ٣١٠)، (سوم).
معنى العبارة: والمساومة دون البيع في العقد الفاسد.
انظر: بدائع الصنائع (١/ ١٠٣).
(٣) " المجهولة "في (أ) والمجهولة، والصواب ما في (ب).
(٤) " فعتق " في (أ) "يعتق"، والصواب ما في (ب).
(٥) " وأقبضه" وفي (أ) "وقبضه".
(٦) "وأقبض" وفي (أ) "وقبض".
(٧) "والصّدقة والتسلّم" سقط من (ب).
(٨) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ٨٥).
(٩) انظر: تبيين الحقائق (٣/ ٨٦).
(١٠) في (ب) "العبد"، والصواب ما في (أ).