للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: قال علي القمي -رحمه الله- (١): وفي الحقيقة لا فرق بينهما؛ لأنّ الهالك يهلك على ملكه في الفصلين، والأصحّ أن نقول: هناك حين أشرف أحدهما على الهلاك تعيّن البيع فيه؛ لأنّه تعذّر عليه ردّه كما قبض؛ فإنّما يتعيّن البيع وهو حي لا ميّت، وههنا لو تعيّن العتق فيه تعيّن (٢) بعد الموت؛ لأنّه بالإشراف على الهلاك لا يخرج من أن يكون محلًا للعتق، وبعد (٣) الموت هو ليس بمحل للعتق فيتعيّن القائم ضرورة) كذا في المبسوط. (٤)

وله أنّ الملك قائم في الموطوءة (٥) أي وإن وجد الوطئ (٦) فيهما جميعًا ثم دليل قيام الملك فيهما جميعًا من حيث الحقيقة ومن حيث الحكم، أمّا من حيث الحقيقة، فهو ما ذكر في الكتاب بيان ذلك وهو أنّهما كانتا مملوكتين له (٧) قبل إيجاب العتق؛ وإنّما أوجب العتق في نكرة وكلّ واحدة منهما بعينها معرفة والمُنَّكر غير المُعَرَّف (٨)، فلا يجوز إيجاب العتق في العين قبل بيانه؛ لأنّه إيجاب به في غير المحلّ الذي أوجبه، وأمّا من حيث الحكم فإنّهما لو وطئتا بالشبهة (٩) كان الواجب عقر مملوكتين (١٠)، وكان ذلك كلّه للمولى وإنّما يملك البدل يملك الأصل فعلم بهذا أنّ الملك فيهما جميعًا باقٍ، وعن هذا قالوا: فلمّا لم يكن استيفاء بدله بيانًا لم يكن استيفاء أصله بيانًا دليله قطع اليد؛ فإنّه لو قطع يد إحديهما لا يكون بيانًا؛ لما أنّه لو قطع يد إحديهما غيره وقبض المولى بدله لم يكن بيانًا فكذلك هنا. بخلاف المنكوحتين أو نقول إن حلّ الوطئ يُبتنى على ملك المتعة والعتق محلّه ملك الرقبة فلم يتحد المحلّ فلا يتحقق المنافاة بين حل الوطئ وبين العتق؛ لأنّ من شرط المنافاة اتّحاد محلّ الحكم، فإذا امتنع البيان من هذا الوجه لم يبق إلا وجه آخر وهو إثبات الضّرورة ولا ضرورة؛ لأنّ حل الوطئ يتصوّر ثبوته مع العتق وحلّ الضّرورة ما لا يقبل الفصل عنه بحال، فحلّ الوطئ مع ملك الرقبة ينفصل إن (١١) وجودًا وعدمًا؛ أما وجودًا ففي فصل المنكوحة الحرّة، وأمّا عدما ففي أمته المجوسيّة (١٢) فلما كان كذلك لم ينتف ملك المتعة عند انتفاء ملك الرّقبة.


(١) عَليّ بن مُوسَى بن يزْدَاد وَقيل يزِيد القمي صَاحب أَحْكَام الْقُرْآن إِمَام الحنيفة في عصره سمع مُحَمَّد بن حميد الرَّازِيّ وغيره روى عَنهُ أبو الفضل أَحمد ابن أَحمد الكاغذي وغيره وَتُوفِّي سنة خمس وثلاث مائة كذا ذكره السَّمْعَانِيّ قال أبو إِسحاق في الطَّبَقَات وَله كتب في الرَّد على أَصحاب الشَّافِعِي وله ترجَمة واسِعة.
انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ٣٨٠)، الفهرست (١/ ٢٠٧).
(٢) "تعين" سقط من (أ).
(٣) "وبعد" في (أ) "بعد"، والصواب ما في (ب).
(٤) انظر المبسوط للسرخسي (٧/ ٨٥).
(٥) "الموطوءة" في (ب) الموطوة بدون همز، والصواب ما في (أ).
(٦) "الوطئ" في (ب) الوطى بدون همز. والصواب " الوطء"
(٧) "له" في (ب) "وله"، والصواب ما في (أ).
(٨) "المعرف" في (ب) معرف، والصواب ما في (أ)
(٩) الشُّبهةُ: هي مالم يُتَيَقَّن كونه حراماً، أو حلالاً. انظر: التعريفات (١/ ١٢٤).
(١٠) "مملوكتين" هكذا في (ب) وفي (أ) مملوكين والصواب ما في (ب).
(١١) "ينفصل إن" هكذا في (ب) وفي (أ) ينفصلان، والصواب ما في (ب) حيث إن الحل للوطء يوجد وينفصل عن الملك للرقبة كما في حل وطء المنكوحة الحرة، وعدم الحل للوطء ينفصل عن الملك الرقبة في حالة الملك للأمة المجوسية.
(١٢) المجوسيُّةُ: عابدة النار، والمَجوسٌ: عبدةُ النَّار.
انظر: الِملل والنِحل للشهرستاني (١/ ٢٧٨)، لسان العرب: (٦/ ٢٥٧ - ٢٥٩)، (مجس) وما بعدها.