للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: لا يثبت ههنا ملك المتعة إلا بناء على مِلكِ الرّقبة، ومن ضرورة انتفاء ملك الرقبة انتفاء ملك المتعة الثّابت بسببه.

(قلنا: إن ما كان طريقه طريق الضّرورة يعتبر فيه الجملة لا الأحوال، ألا ترى أنّ الجارية المبيعة إذا جاءت بولد لأقلّ من ستّة أشهر فقطعت يد الولد وأخذ المشتري الأرش (١) ثم ادّعى البايع نسب الولد بطل المبيع، وحكم بحرية الأصل، وبقي الأرش سالمًا للمشتري، ولا سبب في هذا الموضع لملكه الأرش سوى ملك الرقبة ثمّ نظر إلى الجملة دون الأحوال، فقيل إنّ ملك الرّقبة سبب لملك الأرش الذي وجب للمملوك في الجملة فهو للمولى لوجود ملكه ظاهرًا، وإن لم يكن للمولى في هذه الصّورة ملك الرقبة، وكذلك لو اشترى لحمًا فأخبره عدلٌ أنّه ذبيحة (٢) مجوسيّ يحرم عليه تناوله، وسبب الحلّ ههنا ملك العين، ولكن لما كان حلّ التناول يثبت في الطّعام في الجملة من غير ملكه نُظِرَ إلى الجملة دون الأحوال) (٣) فقيل: لا يحلّ تناوله ولا يبطل ملكه حتّى لا يرجع على البايع بالثمن نظراً إلى الانفصال في الجملة كما في ملك الخمر كذا في المبسوط (٤) والإيضاح لتعلّقه به أي لتعلّق العتق بالبيان فصار كالعتق المعلّق بدخول الدّار؛ فإنّ العتق فيه غير نازل قبل دخول الدّار.

فكذا ههنا أو يقال: نازل في المنكر هذه النكتة للفرق بين الطّلاق والعتاق في أنّ الوطئ معيّن في الطّلاق دون العتاق فيظهر في حق حكم يقبله كالبيع فإن المنكر يقبل البيع بأن اشترى أحد العبدين على أن المشتري بالخيار فيهما يصحّ، وأمّا المنكرة فلا تقبل الوطئ؛ لأن الوطئ أمر حسي فلا يقع في غير المعيّن فلم يمكن وطئ غير المعيّن لذلك فلا يكون الوطئ بيانًا في الأخرى.

[٤٠٨/ أ] بخلاف الطلاق فإن بوطئ إحديهما في باب الطّلاق يأتي بما هو المعظم/ من المقاصد في باب النكاح فيصير بيانًا، كما لو باع إحديهما فيما نحن فيه؛ لأنّه أتى بالبيع بما هو المعظم من المقاصد في ملك اليمين والوطئ في ملك اليمين ليس من معظم المقاصد، ألا ترى أنّه يجوز شراء المجوسيّة وشراء من يحرم عليه وطئها (٥) برضاع أو صهرية (٦) بخلاف النكاح. كذا في الفوائد الظهيرية (٧).


(١) الأرش: هو اسم للمال الواجب على ما دون النفس وقد يطلق على بدل النّفس، وحكومة العدل.
انظر: كشف اصلاحات الفنون (١/ ١٠٥).
(٢) "ذبيحة" هكذا في (أ)، وفي (ب) "ذبحه".
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ٨٧).
(٤) انظر: المبسوط للسرخسي (١٣/ ٦٧).
(٥) " وطئها " هكذا في (أ) وفي (ب) "وطيها" والصواب كتابتها هكذا (وطؤها).
(٦) صهرية: الأصْهارُ: أهل بيت المرأة.
انظر: الصحاح (٢/ ٧١٧)، مقاييس اللغة (٣/ ٣١٥)، (صهر).
(٧) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ٣٥).