للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: يشكل على ما ذكر من أنّ الوطئ في الإماء ليس ببيان في حقّ استيفاء ملك اليمين مسائل ذكرها في المبسوط (١) (وهي أنّه لو باع جارية على أنّه بالخيار ثلاثة أيّام ثم وطئها في مُدة (٢) الخيار يصير فاسخًا للبيع).

وكذلك لو باع إحدى الأمتين وسمّى لكل واحدة منهما ثمنًا، وشرط الخيار لنفسه ثم وطئ إحديهما فليس له أن يعيّن البيع فيها بعد ذلك، وكذلك لو كان المشتري بالخيار فوطئ إحديهما تعيّن البيع فيها لإثبات صفة الحلّ لفعله فما وجه الفرق بين هذه المسائل وبين ما نحن فيه؟

قلت: (ففي البيع بشرط الخيار لو لم نجعله فاسخًا للبيع بالوطئ لكان إذا جاز (٣) البيع يملكه المشتري من وقت العقد حتّى لو وطئت بالشّبهة في مدّة الخيار، ثم أجيز البيع كان الأرش للمشتري، فتبيّن به أنّ البايع كان وطئها في غير ملكه؛ فلهذا جعلناه بيانًا، وههنا لو عيّن العتق في الموطوءة لا يتبيّن انعدام ملكه فيها سابقًا على الوطئ بدليل أنّها لو وطئت بشبهة يكون الأرش سالمًا للمولى، وإن عيّن العتق فيها مع أن فسخ البيع هناك يحصل بالجناية، وههنا لا يحصل بجنايته على إحديهما البيان فكذلك بالوطئ وكذلك في بيع إحدى الأمتين أمّا إذا كان الخيار للمشتري؛ فلأنّه لا يملك إحديهما إلا بعد تعيّن البيع فيها. وأمّا إذا كان الخيار للبايع فلأنّه لو عيّن البيع فيها بعد الوطئ يثبت الملك للمشتري من وقت البيع فيتبيّن أنه وطئها في غير ملكه فللتحرّز عن هذا تعيّن البيع في الأخرى ضرورة، بخلاف ما نحن فيه إذ بالتعيين لا يتبيّن انعدام ملكه فيها سابقاً على ما ذكرنا) كذا في المبسوط (٤).

(ومن قال لأمته إن كان أوّل ولد تلدينه) (٥) إلى أن قال: (عتق نصف الأم ونصف الجارية).

وقال في المبسوط (٦): (وذكر محمّد -رحمه الله- في الكيسانيات (٧) هذا الجواب الذي ذكر ليس جواب هذا الفصل بل في هذا الفصل لا يحكم بعتق واحد منهم ولكن يحلف المولى بالله ما يعلم أنّها ولدت الغلام أولًا، فإن نكل عن اليمين فنكوله كإقراره فإن حلف فهم أرقاء).


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ٨٦).
(٢) "مُدَّة" هكذا في (ب) وفي (أ) "هذه" والصواب ما في (ب).
(٣) "جاز" وفي (ب) "أجاز: والصواب ما في (أ).
(٤) انظر المبسوط للسرخسي (٧/ ٨٨).
(٥) النص بتمامه كما جاء في بداية المبتدي (١/ ٩٣) "وَمن قَالَ لأمته إِن كَانَ أول ولد تلدينه غُلَاما فَأَنت حرَّة فَولدت غُلَاما وَجَارِيَة وَلَا يدْرِي أَيهمَا ولد أَولا عتق نصف الْأُم وَنصف الْجَارِيَة والغلام عبد".
(٦) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ١٣٣).
(٧) قال المطرزي في المغرب: (وَكَيْسَانُ) من أسماء الرجال وإليه ينسب أبو عَمرٍو وسليمان بن شُعيب (الْكَيْسَانِيُّ) وهو من أصحابِ محمد -رحمه الله- ومُستَمليه (ومنه) قولهم ذكر محمد -رحمه الله- (الْكَيْسَانِيَّاتِ أو في إملاء الكيسانيِّ) وقيل هي: عبارة عن مسائل رواها سليمان الكساني عن محمد بن الحسن والله أعلمُ بالصَّوَابِ.
انظر: كشف الظنون (٢/ ١٥٢٥)، المغرب (ص: ٤١٩).