للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا جواب الكتاب ففي فصل آخر وهو ما إذا (قال المولى لأمته إذا كان أوّل ولد تلدينه غلامًا فأنت حرة) وإن كان جارية فهي حرّة، فولدتهما جميعًا ولا يُدرى أيّهما أوّل فالغلام رقيق والابنة حرّة، ويعتق نصف الأم؛ لأنها إن ولدت الغلام أولًا فهي حرّة والغلام رقيق، وإن ولدت الجارية أولًا فالجارية حرّة والغلام والأم رقيقان، فالأمّ تعتق في حال دون حال، فيعتق نصفها (١) والعبد عبد بيقين والجارية حرة بيقين، إما بعتق نفسها أو بعتق الأم.

قلت: وما ذكره في الكيسانيات هو الصّحيح لما أنّ الشّرط الذي لم يتيقّن في وجوده وهو ما إذا كان في طرف واحد كان القول قول من يُنكِرُ وُجُودَهُ باليَمِينِ، كما إذا قال لعبده: إن دخلت الدّار غدًا فأنتَ حرّ، فمضى الغد ولا يدرى أنّه دخل أم لا! لا (٢) يَعتق؛ لأنّه وقع الشّك في شرط العتق فكذلك ههنا وقع الشك في شرط العتق وهو ولادة الغلام أولًا، وأمّا إذا كان الشّرط مذكوراً في طرفي الوجود والعدم كان أحدهما موجودًا لا محالة، فحينئذ يحتاج إلى اعتبار الأحوال كما في مسألة الكيسانيات فالقول قوله مع اليمين، لإنكاره شرط العتق ويحلف على العلم بالله ما يعلم أنّها ولدت الغلام أولًا؛ لأن هذا استحلاف على فعل الغير فيكون على العلم أصله حديث القسامة (٣).

ولو كانت الجارية كبيرة عتقت الأم بنكول (٤) المولى خاصّة؛ لأنّ النكول يُجعل (٥) حجة بطريق الضّرورة فيما وجد فيه الدّعوى، والدّعوى وجدت من الأم دون الجارية، فلا يظهر في حق الجارية كذا ذكره الإمام قاضي خان -رحمه الله- (٦)؛ لأنّ دعوى الأم غير معتبرة في حق الجارية الكبيرة؛ لأنّها لما كانت كبيرة تدعي هي بنفسها، فلا تنوب دعوى غيرها عنها.


(١) " نصفها " هكذا في (ب) وهو سقط من (أ).
(٢) " لا " سقط من (ب).
(٣) القسامة: هي أيمان تقسم على المتهمين في الدم.
انظر: التعريفات (١/ ١٧٥).
وبأنها: أيمان تقسم على أهل المحلة الذين وجد القتيل فيهم.
انظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام (٢/ ١٢٠).
وبأنها: اليمين بالله تعالى بسبب مخصوص وعدد مخصوص على شخص مخصوص على وجه مخصوص.
انظر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار): (٦/ ٦٢٥).
(٤) النكول: أي الامتناع من اليمين، يقال: نكل عن اليمين: امتنع منها.
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٥/ ١١٦)، القاموس الفقهي (١/ ٣٦٢)، (نكل).
(٥) " يجعل " في (ب) جعل. وكلاهما صواب.
(٦) انظر: البناية (٦/ ٦٧).