للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٤٠٨/ ب] وأمّا إذا كانت صغيرة فدعوى الأم لا (١) تنوب عن دعوى الصّغيرة بولاية الأم على الصّغيرة، والنكول إنما يعتبر/ إقرارًا عند صحّة الدّعوى، فلذلك افترق حكم النكول بين كون البنت صغيرة وكبيرة، وكذلك لو كانت البنت الكبيرة هي المدعية دون الأمّ، فلا يصحّ دعواها في حقّ أمها، لما قلنا إن دعوى الغير نيابة عن الغير لا يصحّ إلا بولاية أو إنابة، ولم يوجد واحد منهما.

وبهذا القدر يعرف ما ذكرنا من الوجوه في كفاية المنتهى (٢) وجميع الوجوه خمسة:

أحدها: ما ذكرنا وهو أنّهم أن يتصادقوا أنّهم لا يدرون أيهما أوّل وجواب (٣) الكتاب (٤) أنّه يعتق نصف الأم ونصف الجارية باعتبار الأحوال.

والثّاني: أن تدعي الأم أنّ الغلام أول وأنكر المولى ذلك وقال الجارية هي الأولى والجارية صغيرة، والجواب أنّ القول قول المولى مع يمينه لما ذكر في الكتاب.

والثّالث: أن يتصادقوا (٥) أنّ الغلام أوّل، والجواب أنّه عتق الأم والبنت ورق الغلام؛ لأنّه لا حظ له من العتاق في عموم الأحوال، وذلك لأنّ العتق معلّق بولادة الغلام والمعلّق بالشّرط لا ينزل قبله والغلام انفصل منها، وهي أمة، فلا يظهر حرّيتها في حق الغلام، ويظهر في الجارية؛ لأنّها انفصلت بعد الحريّة فتكون حرّة.

والرّابع: أن يتصادقوا أن الجارية هي الأولى والجواب أنهم أرقاء.

والخامس: أن تدعي الأم أنّ الغلام، أول ولم تدع (٦) الجارية شيئًا وهي كبيرة، حُلِّفَ المولى، فإن حَلِفَ لم يثبت شيء، وإن نكل عتقت الأم دون البنت؛ لأن النكول حجّة ضروريّة إلى آخر ما ذكرنا ولو ادعت البنت دون الأم.

فالجواب على عكس هذا (٧) ولا يقال إنّ النكول على قولهما إقرار والإقرار بعتق إحديهما حكما (٨) لليمين إقرار بعتق الأخرى ضرورة؛ لأنّا نقول أنه إقرار بطريق الضّرورة؛ ولهذا لا يثبت العتق بمجرّد النكول والدّليل عليه ما قاله محمّد -رحمه الله- في الأصل رجلٌ قال لغيره أنا كفيل بكلّ ما يقر لك به فلان فادّعى (٩) المكفول له على فلان مالًا، فَأنكرَ فَحُلِّفَ فَنَكَلَ فَقُضِيَ عليه بالمال فلا يَصيرُ الكفيلُ كَفيلًا به، ولو كان إقرارًا من كلّ وجه لَصارَ كَفِيلًا به، كذا في الجامع الصّغير لقاضي خان -رحمه الله- والفوائد الظهيرية (١٠).


(١) " لا " هكذا في (ب) وفي (أ) لا ينوب. والصواب ما في (ب).
(٢) كفاية المنتهى: مخطوط المؤلف: علي بن ابي بكر بن عبد الجليل، المرغيناني صاحب "الهداية" (ت ٥٩٣).
انظر: خزانة التراث (٧٥/ ٩٨٦)، كشف الظنون (٢/ ٢٠٢٢).
(٣) " وجواب " هكذا في (ب) وفي (أ) وجوب، وما في (ب) هو الصواب.
(٤) المراد بالكتاب هو (مختر القدوري) أشهر متون الفقه عند الحنفية. انظر: كشف الظنون (٢/ ١٦٣١).
(٥) في (ب) إن تصادقوا، والصواب ما في (أ) لأنه لا يحتاج إلى جواب شرط بخلاف ما في (ب) وهو لم يذكر.
(٦) في (ب) تدعي، والصواب ما في (أ) لأن (تدع) فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلة.
(٧) جاء في تبيين الحقائق: والسادس أن تدعي البنت، وهي كبيرة أن الغلام هو الأول، ولم تدع الأم فتعتق البنت إذا نكل دون الأم لما ذكرنا هكذا فصلها في الكافي. انظر: تبيين الحقائق (٣/ ٨٨).
(٨) " حكما " هكذا في (ب) وفي (أ) حكمها، والصواب ما في (ب) ويكون المعنى: أن الإقرار بعتق إحديهما هنا إنما هو إقرار حكما من أجل اليمين.
(٩) " فادعى " هكذا في (ب) وفي (أ) وادعى، والصواب ما في (ب).
(١٠) انظر: تبيين الحقائق (٣/ ٨٨).