للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم من فصل بين ما إذا أجنب وهو محدث أو طاهر، فقال: إذا كان محدثًا يلزمه الوضوء؛ لأن قبل الجنابة كان قد لزمه الوضوء فلا يسقط بالجنابة.

ولنا: قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦]، والإطهار بغسل جميع البدن.

ولأن مبنى الأسباب الموجبة للطهارة على التداخل، «ألا ترى أن الحائض إذا أجنبت (١) يكفيها غسل واحد»، كذا في «المبسوط» (٢).

ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ وَسَائِرِ جَسَدِهِ ثَلاثًا، ثُمَّ يَنْتَحِي عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَيَغْسِلَ رِجْلَيْهِ) هَكَذَا حَكَتْ مَيْمُونَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- اغْتِسَالَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَإِنَّمَا يُؤَخِّرُ غَسْلَ رِجْلَيْهِ لأنَّهُمَا فِي مُسْتَنْقَعِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فَلا يُفِيدُ الْغَسْلُ حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَى لَوْحٍ لا يُؤَخِّرُ، وَإِنَّمَا يَبْدَأُ بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ كَيْ لا تَزْدَادَ بِإِصَابَةِ الْمَاءِ (وَلَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَنْقُضَ ضَفَائِرَهَا فِي الْغُسْلِ إذَا بَلَغَ الْمَاءُ أُصُولَ الشَّعْرِ) لِقَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- لِأُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: «أَمَا يَكْفِيك إذَا بَلَغَ الْمَاءُ أُصُولَ شَعْرِك» وَلَيْسَ عَلَيْهَا بَلُّ ذَوَائِبِهَا

(ومن العلماء من أوجب الوضوء بعد إفاضة الماء) قياسًا على غسل الرجلين، كذا في «المبسوطين» (٣)، وكان قوله في الكتاب: (وإنما يؤخر غسل رجليه) إلى آخره جوابًا لرواية الحسن عن أبي حنيفة، وجوابًا لقياس من أوجب تأخير الوضوء عن إفاضة الماء على ما ذكرنا.

- قوله: لقوله -عليه السلام- لأم سلمة -رضي الله عنها- أول الحديث فإن «أم سلمة قالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي أفأنقضها إذا اغتسلت؟ فقَالَ -عليه السلام-: لا يَكْفِيكِ أَنْ تفيضي الماء عَلَى رَأْسِكِ وسائر جسدك ثلاثًا» (٤). وبلغ عائشة أن ابن عمر كان يأمر المرأة بنقض رأسها في الاغتسال فقالت: «لقد كلفهن شططًا، ألا يأمر بحز نواصيهن؟!» (٥) كذا في


(١) في (أ): «أجتنبت» والتثبيت من (ب) والمبسوط (١/ ٤٤).
(٢) انظر: المرجع السابق (١/ ٤٤).
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي (١/ ٤٤) باب الوضوء والغسل، ولم أجده في مبسوط شيخ الإسلام.
(٤) رواه الجماعة عدا البخاري: مسلم في صحيحه (١/ ٢٥٩) كتاب الحيض، باب حكم ضفائر المغتسلة حديث رقم (٣٣٠).
(٥) رواه مسلم في صحيحه (١/ ٢٦٠) برقم (٣٣١) عن عبيد بن عمير قال: بلغ عائشة أن عبد الله بن عمرو يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقُضن رءوسهن … إلخ الحديث.