للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: الشّهادة لا تُقبل بدون الدَّعوى ولِشِبهِهِ بِحَقِّ الشَّرعِ، قلنا التّناقض في الدّعوى لا يمنع قبول البيّنة عليه) كذا في المبسوط. (١)

لأنّ الدعوى من المجهول لا تتحقق فلا تقبل الشّهادة، وذلك لأنّه لو صورنا دعوى أحدهما من غير تعيين، كانت الدّعوى من المجهول وهي لا تصحّ، وكذا إذا ادّعيا أيضًا لا تصحّ، لأنّهما معينان، وصاحب الحق غير معيّن، فلم تكن دعوى أحدهما من صاحب الحق، ولأنّ الدّعوى حينئذ لا يكون مطابقاً للشهادة، لأنّ الشّهادة على أحد العبدين لا على العبدين.

وذكر رشيد الدّين -رحمه الله- (٢) في فتاواه أن خلاف أبي حنيفة -رحمه الله- معهما في الشّهادة القائمة على العتق الحاصل من جهة المولى، أما لا خلاف أنّ الشهود إذا شهدوا أنّه حرّ الأصل؛ فإنّه تقبل شهادتهم بدون الدّعوى؛ لأنّ الشّهادة على حريّة الأصل شهادة على حرية أمَّة، والشّهادة على حُرية أمَّة شهادة على تحريم الفرج، وحُرمة الفرج حق الله تعالى، فتقبل الشّهادة فيه حسبةً من غير الدّعوى كما في عتق الأمة، ولكن (ذكر صاحب المحيط (٣) أن الصّحيح أن دعوى العبد عند أبي حنيفة -رحمه الله- شرط في حريّة الاصل وفي العتق العارض، وأن التّناقض لا يمنع صحّة الدّعوى ولا صحّة الشّهادة لا في حرية الأصل ولا في العتق العارض) كذا في الفصول للإمام الاستروشني -رحمه الله- (٤) لما أنّه يتضمن تحريم الفرج فيشابه الطّلاق.


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ٩٢ - ٩٣ - ٩٤).
(٢) رشيد الدين هو: محمد بن عمر بن عبد الله أبو بكر رشيد الدين النيسابوري، (ت ٥٩٨ هـ).
انظر: الفوائد البهية (ص ١٨٣)، الجواهر المضية (٢/ ١٠٣).
(٣) انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٧/ ٣٠). وهو يقع في تسع مجلدات.
المحيط البرهاني في الفقه النعماني، للشيخ الإمام العلامة برهان الدين محمود بن تاج الدين أحمد بن الصدر الشهيد برهان الأئمة عبد العزيز بن عمر بن مازه البخاري الحنفي (ت ٦١٦ هـ)، وهو ابن أخي الصدر الشهيد حسام الدين، في مجلدات، ثم اختصره، وسماه الذخيرة. انظر: كشف الظنون (٢/ ١٦١٩).
(٤) فصول الاستروشني "الفصول" لمحمد بن محمود بن حسين، مجد الدين الاستروشني، من المجتهدين، تلميذ صاحب الهداية، والفصول على ثلاثين فصلا، اختار فيها مسائل القضاء والدعاوى، وما يكثر دورها على القضاة، وله كتاب جامع أحكام الصغار، (ت ٦٣٢ هـ).
انظر: (الفوائد البهية ص ٢٠٠).