للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومراده التجارة دون التكدي (١) لأنّها هي المشروعة عند الاختيار.

وذكر في المبسوط (٢) (ولم يرد به الاكتساب بالتكدي؛ لأنّه يدني المرء ويخسّسه) أنّه ينزل قابضًا أي المولى يصير قابضًا بعد التخلية ورَفعُ المانع سواء قبض أو لم يقبض يعنى ومعنى الإجبار هو أن ينزل قابضًا لا أن يكون معنى الإجبارِ في القبض ما هو المفهوم عند النّاس هو أن يكره على القبض بالتّراجم بالحبس أو بالضّرب.

إذ هو تعليق العتق بالشّرط لفظًا احتراز عن الكتابة؛ فإنّها ليست بتعليق لفظي فإنّه لو قال لعبده كاتبتك على كذا من المال صحّت الكتابة وليس فيه تعليق لفظي؛ لأنّ التّعليق اللّفظي إنّما يكون بألفاظ الشّرط.

قوله: ولهذا لا يتوقّف على قبول العبد إيضاح لقوله لأنّه تصرف يمين.

[٤١١/ ب] وذكر فخر الإسلام والإمام التمرتاشي -رحمهما الله- (٣) ومتى جاء به أجبر المولى على قبوله أي ينزل/ قابضًا إذا خلى بينه وبين الألف، والقياس أن لا يجبر لأنّ الحالف لا يجبر على الحنث وهذا حالف ولهذا يمكنه أن يبيعه قبل الأداء ولو تبرّع به غيره أو مات المولى فأدّى العبد إلى وارثه لم يعتق، ولو مات العبد وترك مالًا فللمولى، ولا يعتق، ولو حط عنه البعض بطلبه فأتى بالباقي لا يُعتق لعدم الشّرط.

ولو كانت أمةً فولدت ثمّ أدّت لا يعتق ولدها لعدم السّراية، ولو أبرأه عن هذا المال لا يعتق ولا يصير العبد أحق بإكسابه في الحال حتّى كان للمولى أن يأخذ من كسبه بغير رضاه بخلاف الكتابة في هذا كلّه، ولنا أنّه يمين ابتداء كما ذكر ومعاوضة انتهاء؛ لأنّ العتق يقابل بالمال عند الأداء فباعتبار جهة المعاوضة أجبرناه، ولهذا كان عوضًا في الطّلاق في مثل هذا اللّفظ بأن يقول إن أديتِ إليّ ألفًا فأنتِ طالق، وجعلناه معاوضة في الانتهاء عند الأداء.

فإن قيل: لا يمكن جعله معاوضة؛ لأنّ البدل والمبدل عند الأداء كلّه للمولى.

قلنا: لما ثبت عند الأداء معنى الكتابة من الوجه الذي بينا ثبت شرط صحته اقتضاء وهو أن يصير العبد أحق بالمؤدّى فيثبت هذا سابقًا على الأداء متى وجد الأداء، وصار كما إذا كاتب عبده على نفسه وماله، وكان اكتسب مالًا قبل الكتابة فإنه يصير أحق بذلك المال حتّى لو أدّى ذلك عتق كذا في مبسوط شيخ الإسلام -رحمه الله- (٤).


(١) التَّكَدِّي: بمعنى الشِّحَاذَةِ. انظر: الدر المختار (٤/ ٣٣١).
(٢) انظر المبسوط للسرخسي (٧/ ١٤٧).
(٣) انظر: المحيط البرهاني (٤/ ٢٤).
(٤) انظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (٣/ ٤٢٩).