للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعلى هذا يدور الفقه وتخرّج المسائل أي فعلى العمل بالشبهين دار المعنى الفقهي وخرجت المسائل المتعارضة يعني أن قوله: (إن أدّيت إليّ ألف درهم فأنت حرّ) ألحق في بعض الأحكام بمحض التّعليق، وهي ما ذكرنا من مسائل القياس من يمكنه من البيع وغيره، وألحق في بعضها بالكتابة من جبر المولى على القبول؛ لأنّه لما كان هذا اللّفظ تعليقًا نظرًا إلى اللّفظ ومعاوضة نظرًا إلى المقصود عملنا بالشّبهين حتّى عملنا بشبه التعليق في حالة الابتداء وعملنا بشبه المعاوضة في حالة الانتهاء، كما في الهبة بشرط العوض فإنّه هبة ابتداء حتّى لم يجز في المشاع واشترط القبض في المجلس وبيع انتهاء حتّى لا (١) يتمكّن الواهب من الرجوع وجرت الشّفعة (٢) في العقار.

وذكر في المبسوط (٣) (وجه الاستحسان أنّه مملوك تعلّق عتقه بأداء مال معلوم إلى المولى فإذا خلى بين المال والمولى يعتق كالمكاتب، وتأثيره أنّ هذا اللّفظ باعتبار الصّورة تعليق، وباعتبار المعنى والمقصود كتابة؛ لأنّه حَثَّه على اكتساب المال ورغَّبه بما جعل له من العتق وليست الكتابة إلا هذا وهذا المال عوض من وجه، ألا ترى أنّ في زوجته الطّلاق بهذه الصّفة يكون بائنًا، وأن المولى لو وجد المال زيوفًا فردّه، كان له أن يستبدله بالجِياد، وما تردّد بيّن أصلين يوفر حظه عليهما؟ فوفرنا عليه حكم التّعليق في الابتداء لمراعاة (٤) لفظ المولى ودفع الضّرر عنه، ووفرنا عليه معنى الكتابة في الانتهاء لدفع الضّرر والغرور عن العبد، فقلنا: كما وضع المال بين يدي المولى يعتق، وأمّا إذا باعه المولى ثم اشتراه فقد روى عن أبي يوسف -رحمه الله- أنّه إذا جاءه بالمال يعتق وهذا وما قبل البيع سواء؛ لأنّ التّعليق لا يبطل بالبيع وعلى ما ذكر في الزيادات أنّه لا يجبر المولى على القبول العذر واضح، فإنّ معنى التّعليق لا يبطل بالبيع ولكن معنى الكتابة يبطل بنفوذ البيع فيه، وإجبار المولى على القبول كان من حكم الكتابة، وقد بطل ذلك بنفوذ البيع فيه فلهذا لا يجبر على القبول بعده، فأمّا قبل البيع فمعنى الكتابة باقٍ) كما بينا.


(١) " لا " في (ب) " لم "، والصواب ما في (أ).
(٢) الشُّفعةُ في اللغة: من الشَّفعِ، وهو الضَّمُّ، وتأتي بمعنى الزيادة حيث يُشَفِّعُكَ فيما تطلبُ حتى تضمُّهُ إلى ما عندك، فتزيدهُ. انظر: لسان العرب (٨/ ٢١٧ - ٢١٩)، (شفع).
وعند الفقهاء: هي تملك البقعةِ جبرًا على المشتري بما قام عليهِ.
انظر: تبيين الحقائق (٦/ ٣٤٩) كنز الدقائق (١/ ٥٨٣)، البناية (١١/ ٢٩٠).
(٣) انظر المبسوط للسرخسي (٧/ ١٤٤).
(٤) " لمراعاة " في (ب) المراعاة، والصواب ما في (أ).