للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو أدّى البعض يجبر على القبول هكذا في الإيضاح (١) أيضًا.

وعلل فقال لأنّ هذا الذي أتى به بعض تلك الجملة فإذا ثبت الإجبار على القبول في الكلّ ظهر في البعض كما في الكتابة. وذكر في مبسوط شيخ الإسلام -رحمه الله- (٢) (أنّه لا يجبر على قبول البعض؛ لأنّ معنى الكتابة عندنا يثبت من حيث أنّه عتق بمال أدّاه إلى المولى؛ وإنّما يعتق بأداء جميع المال فما لم يوجد أداء جميع المال لا يثبت معنى الكتابة).

[٤١٢/ أ] كما إذا حط البعض وأدّى الباقي بأن قال العبد/ للمولى حُط عنّي من الألف شيئًا فحط عنه المولى وأدى الباقي لم يعتق؛ لأنّ هذا يمين لفظًا فإذا حطّ عنه بعض الشّرط لم يعمل حطه، كما إذا قال: إن كلمت زيدًا وعمرواً فأنت حرّ ثم قال حططت (٣) عنك كلام أحدهما؛ فإنّه لا يصح فإن الحط فسخ؛ لأن قدر المحطوط يخرج عن العقد واليمين لا يحتمل الفسخ كذا في مبسوط شيخ الإسلام -رحمه الله- (٤).

وذكر في المبسوط (٥) (فلو حطّ عنه المولى مائة درهم وأدّى تسعمائة لم يعتق، ألا ترى أنّه لو أبرأه عن جميع المال لم يعتق؟ وهذا لأنّ الشّرط وجود أداء الألف فلا يتم بأداء تسعمائة، بخلاف الكتابة، فإن المال هناك واجب على المكاتب، فيتحقّق إبراؤه عنه سواء أبرأه عن الكلّ أو حط بعضه، وههنا لا مال على العبد فالحط والإبراء باطل، ولا يعتق ما لم يتم الشّرط وليس للعبد أن يستردّ من المولى ما أخذ منه؛ لأن كسبه مملوك لمولاه؛ وهو نظير ما لو قال له مولاه إذا أخدمتني (٦) سنة فأنت حرّ، فخدمه أقلّ من سنة، وتجاوز المولى عمّا بقي لم يعتق؛ لأنّ الشّرط لم يتم).

رجع المولى عليه وعتق لاستحقاقها، وقوله لاستحقاقها (٧) تعليل الرّجوع لا تعليل (٨) العتق أي يرجع المولى على العبد بألف مثلها؛ لما أن تلك الألف التي أدّاها كانت مستحقة من جانب المولى؛ لأنّ التّقدير أن ذلك الألف كان حصل للعبد قبل هذا التّعليق، والعبد وما في يده لمولاه، فلما أدّى ملك المولى لمولاه وعتق لوجود شرط التّعليق وجب عليه ألف أخرى؛ لأنّ المولى إنّما رضي بعتقه بمقابلة ألف تحُصل له، ووضع هذه المسألة في المبسوط (٩) في الأمة فقال (فإن أدت الألف من مال مولاها عتقت لوجود الشّرط، وللمولى أن يرجع عليها بمثله؛ لأنّ مقصود المولى لم يحصل بهذا؛ فإنّ مقصوده أن يحثها على الاكتساب لتؤدّي من كسبها فيملك المولى ما لم يكن له مالكًا قبل هذا، وبأداء مال (١٠) المولى إليه لا يحصل هذا المقصود فيرجع عليها بمثله دفعًا للضّرر عنه).


(١) انظر: الهداية (٢/ ٣١١).
(٢) انظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (٣/ ٤٢٩).
(٣) " حططت " في (ب) حطت، والصواب ما في (أ).
(٤) انظر: الهداية (٢/ ٣١١)، المحيط البرهاني (٤/ ٢٤).
(٥) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ١٤٧).
(٦) " خدمتني " هكذا في (ب)، وفي (أ) أخدمتني، والصواب ما في (ب).
(٧) " لا ستحقاقها " سقط من (ب).
(٨) " لا تعليل " في (ب) لا تعليق، والصواب ما في (أ)
(٩) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ١٤٥).
(١٠) " مال " في (ب) المال والصواب ما في (أ).