للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[٤١٤/ ب] والثّاني: أن فيما نحن فيه تعليق العتق ابتداء بحال بطلان الأهليّة من وقت التعليق فلو لم نقل أنّه سبب في الحال يلغو كلامه من كلّ وجه لبطلان الأهليّة/ حال وجود الشّرط قطعًا.

وأمّا في مسألة المجنون فقد صحّ التّعليق لصدوره من أهله مضافًا إلى محلّه، والظّاهر بقاء أهليّته وقت وجود الشّرط؛ لأنّ الظّاهر من كلّ موجود بقاؤه (١) واستمراره باستصحاب الحال، فلما صحّ التعليق لم يبطل بعروض الجنون بعده؛ لكون المجنون أهلًا من وجه لحكم التعليق على ما ذكرنا؛ ولأنّ المعلّق به ههنا وهو الموت قاصر في معنى الشّرطية، فلا يكون التّعليق به بمنزلة التّعليق بسائر الشّروط فلم يمتنع هذا التّعليق عن كونه سببًا في الحال، وإنّما قلنا ذلك؛ لأنّ الشّرط هو معدوم على خطر الوجود وللحكم تعلّق به على ما مرّ في الطّلاق من لفظ الكتاب، وإذا كان كذلك فالموت كائن لا محالة، فلا يكون التعليق به مثل التّعليق بسائر الشّروط فلا يمنعه عن السّببيّة في الحال.

فإن قيل: يشكل على هذا ما إذا قال أنتِ طالق إذا جاء غدٍ وهو ليس بسبب في الحال، مع أنّ مجيء الغد كائن لا محالة، كالموت؛ قلنا: لا نسلّم أنّه كائن لا محالة؛ فإنّه من الجائز أن تقوم القيامة قبل مجيء الغد، ولا يجوز أن يقال جاز أن تقوم القيامة قبل موت المولى، أو نقول إن الكلام في الأعم والأغلب، فإنّ الأعم في سائر التّعليقات أن لا يكون كائنًا لا محالة؛ لتحقيق معنى الشّرطية فلا يرد الأفراد مثل الغد علينا نقضًا وخصّ التّعليق بالموت في كونه سببًا بالحديث الذي ذكرنا، أو نقول وهو الأصحّ من الجواب، وهو أنّ التّعليق بمجيء الغد ليس بسبب في الحال؛ لأنّه ليس بسبب موجب للخلافة، والتّدبير فيه معني الخلافة؛ لأنّ فيه معنى الوصيّة على ما نذكر فلما لم يكن في التّعليق بالغد معنى الخلافة لم يصر سببًا في الحال، بخلاف التّدبير. إلى هذا أشار في المبسوط (٢)؛ ولأنّه وصيّة، فإن قلت على تعليله بالوصيّة ترد شبهتان موجهتان:

إحديهما: أنّ التّدبير لو كان وصيّة للمدبّر كان ينبغي أن يبطل التّدبير إذا قتل المدبّر سيّده؛ لأنّ الوصيّة لا تجوز للقاتل سواء كان الجرح قبل الوصيّة أو بعدها، ولا يبطل التدبير ههنا بالقتل ذكره في وصايا الأسرار (٣).


(١) " بقاؤه " هكذا في (ب) لكن بدون همز، وفي (أ) بقاءه والصواب ما في (ب) لأنها خبر أن.
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ١٧١).
(٣) انظر: كشف الأسرار (٤/ ٣٢١).