للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[٤١٥/ أ] (وولد المدبرة مدبّر) هذا هو/ الأصحّ من نسخ الكتاب فإن عامة النسخ هكذا.

وكذلك أيضاً رواية المبسوط (١) والإيضاح (٢) وغيرهما ولا وجه لما وقع في بعض نسخ الكتاب من قوله وولد المدبّر مدبّر وذلك؛ لأنّ ولد المدبّر لا يخلو إمّا إن كان من أمة أو حرة فإن كان من أمة كان رقيقاً لمولاها، وإن كان من حرة كان حراً وإن كان من غيرهما من المدبّرة وأمّ الولد والمكاتبة كان على صفة أمه تبعًا لأمّه لا تبعًا لأبيه.

وذكر في المبسوط والإيضاح (وولد المدبّرة يكون مدبّراً؛ لأنّه وجب حق الحريّة لها في الحال فيسري إلى الولد كالاستيلاد وهو دليلنا على الشّافعي -رحمه الله- (٣) وبعض أصحابه يمنعون سراية التّدبير إلى الولد وهو ضعيف جدًّا؛ لأنّه مخالف لقول الصّحابة والتّابعين وقد قال ابن مسعود -رضي الله عنه- ولد المدبّرة مثل أمّه (٤) وخوصم إلى عثمان -رضي الله عنه- في أولاد مدبّرة فقضى بأن ما ولدته قبل التّدبير عبد يباع وما ولدته بعد التّدبير فهو مثلها لا يباع) (٥).

والفقه فيه أن حقّ الحرية قد ثبت بوجود السّبب في الأصل، فيثبت في الفروع كالاستيلاد؛ وهذا لأنّ الفرع يحدث على وفاق الأصل، (ويجوز بيعه) لأنّ السّبب لم ينعقد في الحال.

فإن قيل: إذا لم ينعقد اللفظ سببًا في الحال ففي أي وقت ينعقد قبل الموت أو بعده؛ إن قلت بعده استقام كلام من يقول إنّ اللّفظ ينعقد سببًا بعد الموت، وقد ثبت (٦) بطلانه لبطلان أهلية المعلق في ذلك الوقت؛ وإن قلت قبله فلماذا يجوز بيعه مع انعقاد السّبب كما في المدبّر المطلق؟

قلنا: ينعقد اللّفظ سببًا لا بعد الموت، ولا في الحال، بل ينعقد سببًا في آخرِ جزءٍ من أجزاء حياته؛ لأنّه إنما لم ينعقد سببًا في الحال للتردّد، فإذا بلغ آخر جزء من أجزاء حياته زال التردد، فيصير حينئذٍ كالمدبّر المطلق؛ لزوال التردّد فيصير سببًا. كذا في تعليقات أبي نصر الزّوزني لتردّد في تلك الصّفة، (لأنّه علق بما ليس بكائن لا محالة فيه، فربما يرجع من ذلك السّفر ويبرأ من ذلك المرض، وفقه هذا الكلام أنا إنّما نوجب حق الحريّة بالتّدبير في الحال بناءً على قصده القربة (٧) بطريق الخلافة، وهذا القصد منه ينعدم إذا علّقه بموتٍ بصفةٍ؛ لأنّ القصد إلى القربة لا يختلف بالموت من ذلك المرض ومن غيره، فلانعدامِ هذا القصد لم يكن مدبّرًا بخلاف ما إذا علّقه بمطلق الموت؛ فإنّ القصد إلى إيجاب القربة هناك متحقّقٌ حين علّقه بما هو كائن لا محالة). كذا في المبسوط (٨)، لأنّه تعلّق عتقه بمطلق الموت وهو كائن لا محالة يعني يكون مدبّرًا مطلقًا؛ لأنّ المدبّر المطلق موصوف بهذه الصّفة.


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ١٨٠).
(٢) انظر: الهداية (٢/ ٣١٣).
(٣) انظر: الحاوي الكبير (١٨/ ١٠٩).
(٤) سبق تخريجه ص (١٠٤).
(٥) انظر المبسوط للسرخسي (٧/ ١٨٠).
(٦) " ثبت " هكذا في (ب) وفي (أ) أثبت، والصواب ما في (ب).
(٧) القُربة: ما يتقرب به إلى الله تعالى. والقُربان: بالضم: ما قُرِّب إلى الله تعالى، وتقَرَّب إلى الله بشيءٍ، أي طَلَبَ به القُربة عند الله تعالى.
انظر: لسان العرب (١/ ٧٧٩)، (قرب) وما بعدها.
(٨) انظر المبسوط للسرخسي (٧/ ١٨١).