للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والاستيلاد متجزي عنده حتّى لو استولد نصيبه من مدبّرة يقتصر عليه إلى آخره فما وجه التوفيق بين هاتين الروايتين؟

[٤١٦/ ب] قلت: معنى قوله لا يتجزى: أي يتملك نصيب صاحبه بالضّمان مع ملك نصيبه فيكمل الاستيلاد/ على ما يجيء بعد هذا في هذا الباب؛ لأنّ نصيب صاحبه قابل للنّقل بضمان المستولد؛ لأنّ الاستيلاد وقع في القِنَّةِ، وهي قابلة للانتقال من ملك إلى ملك، وما ذكره هناك من تجزي الاستيلاد؛ إنّما فرض المسألة في المدبّرة، وهي غير قابلة للنقل، فكان الاستيلاد منحصرًا على نصيبه، فيتجزى الاستيلاد ضرورة، فكان دفع التّناقض باعتبار اختلاف الموضوع والمحال أو نقول: فالقول (١) بالتجزي عنده هناك بناء على أن الاستيلاد فرع الإعتاق، فلما تجزى الإعتاق عنده تجزى جميع شعبه من التّدبير والاستيلاد والكتابة، والقول بعدم التجزي هنا بناء على أن الاستيلاد فرع النّسب، والنّسب لا يتجزى، فكذا الاستيلاد. أو نقول: يحتمل أن يكون فيه روايتان عن أبي حنيفة -رحمه الله- وذلك لأنّهما جعلا الاستيلاد مقيسًا عليه في أنّه لا يتجزى، فكان مجمعًا عليه، ثم أجاب عنه أبو حنيفة (٢) -رحمه الله- بأنّه متجز عنده في ذلك الباب، ومثل هذا كان لاختلاف الروايتين، فيعتبر بأصله، أي بأصل الاستيلاد، وهو النّسب، (وله تزويجها)؛ لأنّ الملك فيها قائم والفراش ضعيف، فإن قيل ينبغي أن لا يجوز التزويج؛ لأنّ احتمال شغل الرّحم بمائه كان ثابتًا، وتوهم الشغل مانع لجواز النكاح كما في المعتدة.

قلنا: محليّة جواز النكاح كانت ثابتة قبل الوطئ، وقد وقع الشك في خروجه فلا يخرج بالشّك، بخلاف النكاح، فإنّ ثمّة خرجت المنكوحة عن محليّة نكاح الغير، فلا تعود إلى المحليّة إلا بعد الفراغ حقيقة، وذلك بعد انقضاء العدة (٣) فلا يجوز تزوجها ولكن الأفضل أن لا يزوّجها إلا بعد الاستبراء (٤) لجواز العلوق منه. كذا في مبسوط شيخ الإسلام -رحمه الله- (٥).


(١) " فالقول " سقط من (ب).
(٢) " أبو حنيفة " هكذا في (ب) وفي (أ) أبي حنيفة، والصواب ما في (ب)؛ لأنه في موقع الفاعل.
(٣) العِدةُ: هي تَربَّصٌ يلزمُ المرأةَ عند النِّكاح المتأكَّدِ او شُبهتِهِ. انظر: التعريفات (١٤٨).
(٤) الاستبراءُ في اللغة: طلبُ البراءة مطلقاً سواءٌ في الفروج أم في غيرها.
انظر: لسان العرب (١/ ٣٩ - ٤٠) (برأ).
وعند الفقهاء: طلبُ براءةِ رَحِمِ المرأةِ المملوكةِ. انظر: تكملة البحر الرائق (٨/ ٢٢٤).
(٥) انظر: العناية (٥/ ٣٨).