للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقابله ظاهر آخر، أي يعارضه ظاهر آخر، وهو أن يكون الولد من الزنا لوجود أحد الدّليلين، وهما العزل وعدم التّحصين وهذا مروي عن أبي حنيفة -رحمه الله-.

[٤١٧/ أ] قوله: وفيه روايتان أخريان والأصحّ آخران (١) عن أبي يوسف وعن محمد -رحمهما الله-

أي عن أبي يوسف -رحمه الله- رواية واحدة وعن محمّد -رحمه الله-، كذلك رواية واحدة وهو فائدة إعادة كلمة عن، وتلك الروايتان ذكرهما في المبسوط (٢) بلفظ الوجوب فقال: (وعن أبي يوسف -رحمه الله- أنّه إذا وطئها ولم يستبرئها/ بعد ذلك حتّى جاءت بالولد فعليه أن يدعيه سواء عزل عنها أو لم يعزل حصّنها أو لم (٣) يحصّنها تحسينًا للظن بها وحملاً لأمرها على الصّلاح ما لم يتبين خلافه؛ ولأن ما يظهر عقيب سبب يكون محالًا به عليه حتّى يتبين خلافه.

وعن محمّد -رحمه الله- قال: لا ينبغي له أن يدعي النّسب إذا لم يعلم أنّه منه، ولكن ينبغي له أن يُعتق الولد، ويستمتع بها ويعتقها بعد موته؛ لأن استلحاق نسب ليس منه لا يَحِلُّ شرعًا، فيحتاط من الجانبين، وذلك في أن لا يدّعي النّسب، ولكن يعتق الولد ويعتقها بعد موته، لاحتمال أن يكون منه) وذكر تلك الروايتين في الإيضاح بلفظ الاستحباب، فقال: وقال أبو يوسف -رحمه الله-: إذا كان يطاءها (٤) ولم يحصنها وأحّب إليَّ أن يدعيه، وقال: محمّد -رحمه الله-: أحب إليَّ أن يعتق ولدها ويستمتع منها، فإذا مات أعتقها، فما ذكره أبو حنيفة هو الأصل؛ لأنّه إذا وطئها ولم يعزل وحصّنها فالظّاهر أنّ الولد منه، فيلزمه أن يدّعي، وإذا لم يحصّن أو عزل فقد وقع الاحتمال، فلا يلزمه الاعتراف بالشّك.

وإن كان النكاح فاسدًا، وإن هذه للوصل هذا جواب سؤال تقديري وهو أن فراش المولى كان ثابتًا على وجه الصحّة؛ لأنّه استولدها في ملكه فينبغي أن لا يزول بالنكاح الفاسد؛ لأنّ الفاسدة لا يعارض الصّحيح.

فأجاب عنه: بأنّ النكاح الفاسد ملحق بالصّحيح في حق الأحكام، فيعمل عمل النكاح الصّحيح، ومن الأحكام ثبوت النّسب، وعدم جواز البيع والوصيّة.

وذكر في الإيضاح (٥) أراد بالفاسد ههنا ما إذا اتّصل به الدّخول، فهو حينئذ في إثبات النّسب ملحق بالنكاح الصّحيح، فكان الفراش فيه ما هو ثابت في النكاح الصّحيح، فكان أقوى من فراش أم الولد، فإن قلت: كيف تثبت أمية الولد ههنا مع أن نسب الولد لم يثبت من المولى؟ فينبغي أن لا تثبت أمية الولد؛ لأن أمية الولد ههنا مبنيّة على ثبوت النّسب بدعوة الولد، فلما لم يثبت الأصل وهو ثبوت نسب ذلك الولد بالدّعوة، لم يثبت الفرع وهو أمية الولد، بخلاف ابتداء الإقرار بالاستيلاد؛ لأن ذلك غير مبني على دعوة الولد؟


(١) هذا رأي الشارح رحمه الله، والصواب عندي (أخريان) لأن (أخرى) مؤنث مثناها (أخريان).
(٢) انظر المبسوط للسرخسي (٧/ ١٥٢ - ١٥٣)
(٣) " لم " هكذا في (ب) وهي سقط من (أ).
(٤) " يطاءها " هكذا في (أ) وفي (ب) " يطاها ".
(٥) انظر: المبسوط للسرخسي (١٧/ ٩٩)، العناية (٥/ ٤٠).