للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي الحلف كونه خبرًا محتملًا للصّدق والكذب ولا يكون ذلك إلا في المعقودة.

وأمّا الغموس (١) واللّغو (٢) فليستا بيمين على الحقيقة على ما يأتي، وأمّا سببها فإرادة تحقيق ما قصده بها، ويدخل في هذا إرادة تحقيق ما قصد من إظهار صِدقهِ في قلب السّامع، وإرادة تحقيق ما قصده في نفسه من فعل شيء أو تركه، كدخول الدّار وغيره.

وأمّا ركنها فاللّفظ الذي ينعقد به اليمين.

وأمّا حكمها فالبر حال بقاء اليمين إذا (٣) وجب تحقيق البر، والكفّارة عند فوات البر خلفًا عنه. وإنّما قيّدنا بقولنا: إذا (٤) وجب تحقيق البر؛ لأن من الأيمان ما لا يجب تحقيق البرّ فيها بل يجب تحقيق الحنث ونقض اليمين. كما إذا حلف على معصيةٍ على ما يجيء، فالواجب هو الحكم بموجبه فلذلك لم يكن البرّ حكمًا في جميع الأيمان). إلى هذا أشار في المبسوط (٥) والمنشور (٦) وغيرهما.

قوله: (الأيمان على ثلاثة أضرب) فوجه الانحصار على هذه الثّلاثة ظاهر؛ لأنّ اليمين بالله لا تخلو إمَّا إن كانت فيها مؤاخذة أو لا، فإن كانت فيها مؤاخذة فلا تخلو إمّا إن كانت المؤاخذة دنياوية أو عقباوية.

فالأولى المنعقدة والثّانية الغموس وإن لم يكن فيها مؤاخذة لا دنياوية ولا عقباوية فهي اللّغو.

ثم ذكر في المغرب (٧) (الصّواب أن يقال: ثلاث أضرب وإن كانت الرّواية محفوظة فعلى تأويل الأقسام). وذكر في الإيضاح (٨) وهذه الأقسامُ الثلاثةُ التي ذكرها إنما تتأتّى في اليمين بالله.


(١) الغموس مصدر للفعل غمس يقالُ غمَسَهُ في الماء غطَّهُ فيه وأدخَلَهُ فانغمس فيه بنفسِهِ واغتمس.
انظر: المغرب (١/ ٣٤٦)، الصحاح (٣/ ٩٥٦).
اليمين الغموس هي: الحلف على أمرٍ ماضٍ، يتعمد الكذب فيه؛ فهذه اليمين يأثم بها صاحبها، ولا كفارة فيها إلا الاستغفار. وسميت غموسًا لأنها: تَغْمِسُ صاحبها في الإثم والنار.
انظر: المبسوط للسرخسي (٨/ ١٢٧)، البناية (٦/ ١١٢)، اللباب في شرح الكتاب (٤/ ٣).
(٢) اللَّغوُ: الباطِلُ من الكَلَام. وفي الأيمان: ما لا يُعقد عليه القلب كقول الإنسان في كلامه: لا والله وبلى والله.
انظر: المغرب (١/ ٤٢٥)، مختار الصحاح (١/ ٢٨٣)، كلاهما (لغا)، البناية (٦/ ١١٥).
(٣) "إذا" في (ب) إذ وكلاهما صواب.
(٤) "إذا" في (ب) إذ وكلاهما صواب.
(٥) انظر: المبسوط للسرخسي (٨/ ١٢٦).
(٦) المنشور في فروع الحنفية للإمام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن علي بن أبي القاسم بن أبي رجا القاعدي الخجندي. وهو غير مطبوع.
انظر: كشف الظنون (٢/ ١٨٦١).
(٧) انظر: المُغرَب في ترتيب المُعرَب (١/ ٥١٥): لأبي الفتح ناصر الدين بن عبد السيد بن علي المطرّزي توفي سنة عشر وست مائة للهجرة.
(٨) انظر: البناية (٦/ ١١١).