للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا قيل لا يحتاج إلى النيّة وذكر اشتراط النيّة في الإيضاح فقال فإذا قال أقسم كان يمينًا؛ لأنّ هذه اللّفظة تستعمل للتحقيق وللإيجاب، كما تستعمل للإخبار عن المستقبل كما في كلمة الشّهادة يجعل إخبارًا عن الحال فإذا نوى اليمين فقد جعله إيجابًا.

وقيل: لابدّ منها، أي لابدّ من النيّة فيما إذا أطلق قوله أقسم وغيره عن ذكر اسم الله تعالى. لاحتمالِ العدةِ واليمينِ لغيرِ الله بكسر اليمين بالعطف على الاحتمال أي اشتراط النيّة معلّل بعلّتين هاتين، ولو قال: "سوكند خورم" (١) قيل لا يكون يمينًا.

وفي الذّخيرة ولو قال: "مي خورم أو خورمي" (٢) يكون يمينًا وقيل "سوكند خورم" يمين أيضًا، مذكور في فتاوى النّسفي (٣) ولو قال: "كند خورده ام" إن كان صادقًا كان يمينًا وإن كان كاذبًا فلا شيء/ عليه، ولو قال "مرا سوكند بطلاق است كه شراب بخورم" فشرب طلقت امرأته.

[٤٢٢/ ب] وإن لم يكن حلف ولكن قال قلت لدفع تعرضهم لا يصدق قضاء، ولو قال "مراسو كند خانه است كه شراب بخورم" فشرب طلقت امرأته.

(وكذا قوله: لعمر الله) أي فهو يمين أيضًا، وهو معطوف على أصل المسألة وهو قوله: (قال أقسم) إلى آخره. وذكر في المغرب (العمر بالضم والفتح البقاء إلا أن الفتح غلب في القسم لا يجوز فيه الضّم) (٤). وفي المبسوط (لعمر الله يمين باعتبار المعنى قال الله تعالى: (لَعَمْرُكَ} (٥) والعمر هو البقاء والبقاء من صفات الذّات فكأنه قال والله الباقي.

معناه أيمن (٦) الله وهو جمع يمين وهذا مذهب نحوي الكوفة.


(١) "سوكند خورم" فارسي.
(٢) كل ما بين علامات التنصيص في هذه الصفحة فارسي.
(٣) للشيخ أبي حفص عمر بن محمد النسفي (ت ٥٣٧ هـ). انظر: (كشف الظنون ١/ ١١).
(٤) المغرب (١/ ٣٢٧).
(٥) سورة الحِجر آية: (٧٢).
(٦) ذهب الكوفيون إلى أن قولهم في القسم "أيمن الله" جمع يمين. وذهب البصريون إلى أنه ليس جمع يمين، وأنه اسم مفرد مشتق من اليُمْن.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أن "أيمن" جمع يمين أنه على وزن أَفْعُل، وهو وزن يختص به الجمع، ولا يكون في المفرد، يدل عليه أن التقدير في قولهم "أيمن الله" أي: عليَّ أَيْمُنُ اللهِ، أي أَيْمَانُ اللهِ عليَّ فيما أُقسم به، وهم يقولون في جمع يمين "أَيْمُنٌ". انظر: الانصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين لأبو البركات، كمال الدين الأنباري (١/ ٣٣٤).