للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَجِبُ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ احْتِيَاطًا، بِخِلافِ الْبَهِيمَةِ وَمَا دُونَ الْفَرْجِ لأنَّ السَّبَبِيَّةَ نَاقِصَةٌ.

-قوله: (احتياطًا) هو علة وجوب الغسل؛ لأن (١) الغسل مستحب؛ لأن وجوب الغسل بدون الإنزال فيه على قولهما ظاهر؛ لأنهما سويا السبيلين في الحد وفي هذا أولى، وكذلك على أصل أبي حنيفة؛ لأنه إنما لم يوجب الحد فيه للاحتياط في درء الحد [وفي هذا أولى وكذلك] (٢) [ها هنا] (٣) الاحتياط في الإيجاب فيجب الغسل بالإجماع.

-قوله: (وما دون الفرج) أراد بالفرج القبل والدبر فكان ما دونه غيرهما من بدن المرأة كالتفخيذ.

قَالَ (وَالْحَيْضُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى يَطْهُرْنَ} بِالتَّشْدِيدِ (وَ) كَذَا (النِّفَاسُ) لِلإجْمَاعِ.

-قوله: (والحيض) أي الخروج من الحيض؛ لأن الحيض ما دام باقيًا لا يجب الغسل لعدم الفائدة فوجه التمسك بقوله تعالى: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] في حق وجوب الاغتسال في حق الصلاة هو أن الشارع غيَّر (٤) حرمة القربان [إلى غاية الاغتسال فينبغي أن يجب عليها الاغتسال بعد الخروج عن الحيض ليحل القربان] (٥) لئلا تكون الحرمة مؤثرة؛ إذ فيه نقض ما شرعه بقوله: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} [البقرة: ٢٢٣]، وبقوله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢)} [البقرة: ٢٢٢] {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: ١٨٧]. ثم لما صار الاغتسال شرطًا لحل القربان بهذه الآية مع أن وجود طهارة المرأة ليس بشرط لحل القربان سوى الحيض والنفاس في صورة من الصور فلأن يشترط الاغتسال لحل قربان الصلاة والحال أن الطهارة غير جميع النجاسات الحقيقية والحكمية شرط دائم للصلاة بالطريق الأولى، ومما يوضح أن هذا الحكم أعني وجوب الاغتسال للصلاة بعد الخروج عن الحيض ثابت بطريق الدلالة على وجه الأولوية وجوبه عليها للصلاة بالخروج عن الحيض بتمام العشرة وما دونها بخلاف حرمة القربان؛ فإن امتداد الحرمة هناك إلى الاغتسال إذا انقطع الدم لأقل من عشرة أيام.

وأما إذا انقطع دمها (لتمام العشرة) (٦) أو مضى عليها وقت صلاة بعد الانقطاع لأقل من عشرة أيام يحل القربان لاختصاص الصلاة بالطهارة وعدم اختصاص القربان بها حتى جاز وطء منكوحته وهي جنب أو محدث، أو بأعضائها نجاسة فكان هذا نظير اشتراط الطهارة عن الحيض والنفاس في حق الصوم والصلاة فإنه لما كان اشتراط الطهارة عنها في حق الصلاة على وفق القياس لما ذكرنا أثر ذلك في حق الأداء والقضاء حتى سقطت الصلاة أصلاً، ولما كان اشتراطها عنهما في حق الصوم على خلاف القياس أثر ذلك في حق الأداء دون القضاء ليثبت المدلول بقدر دليله.

وذكر بعض أهل النظر في التمسك بالآية فقال: النص ينفي القربان قبل الاغتسال، ويلزم من هذا وجوب الاغتسال؛ لأنه لولا وجوب الاغتسال لما انتفى القربان قبل الاغتسال؛ لأن حل القربان ثابت في جملة صور عدم وجوب الاغتسال وحل الصلاة بدون الاغتسال.


(١) في (ب): «لا أن».
(٢) ساقط من (أ) والتثبيت من (ب).
(٣) هكذا وردت في النسختين، ولعلها بدون الواو أنسب للسياق.
(٤) في (ب): «غيا».
(٥) ساقط من (ب).
(٦) كتب فوقها في (أ): لعشرة أيام.