للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ «وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْغُسْلَ لِلْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَعَرَفَةَ وَالإحْرَامِ» نَصَّ عَلَى السُّنِّيَّةِ، وَقِيلَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ مُسْتَحَبَّةٌ، وَسَمَّى مُحَمَّدٌ الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَسَنًا فِي الْأَصْلِ. وَقَالَ مَالِكٌ -رحِمَهُ الله-: هُوَ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ -عَلَيْه الصَّلاة والسَّلام-: «مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» وَلَنَا قَوْلُهُ -عَلَيْه الصَّلاة والسَّلام-: «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنْ اغْتَسَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ» وَبِهَذَا يُحْمَلُ مَا رَوَاهُ عَلَى الاسْتِحْبَابِ أَوْ عَلَى النَّسْخِ، ثُمَّ هَذَا الْغُسْلُ لِلصَّلاةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ -رحِمَهُ الله- هُوَ الصَّحِيحُ لِزِيَادَةِ فَضِيلَتِهَا عَلَى الْوَقْتِ وَاخْتِصَاصِ الطَّهَارَةِ بِهَا، وَفِيهِ خِلافُ الْحَسَنِ، وَالْعِيدَانِ بِمَنْزِلَةِ الْجُمُعَةِ؛ لأنَّ فِيهِمَا الاجْتِمَاعُ؛ فَيُسْتَحَبُّ الاغْتِسَالُ؛ دَفْعًا لِلتَّأَذِّي بِالرَّائِحَةِ، وَأَمَّا فِي عَرَفَةَ وَالإحْرَامِ فَسَنُبَيِّنُهُ فِي الْمَنَاسِكِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قوله -عليه السلام-: («فبها ونعمت») (١) الباء متعلقة بفعل مضمر أي: فبهذه الخصلة أو الفعل يعني الوضوء ينال الفضل. ونعمت أي: نعمت الخصلة هي فحذف المخصوص بالمدح، وسئل عنه الأصمعي (٢): فقال: أظنه يريد فبالسنة أخذ. كذا في «الفائق» (٣).


(١) سَمُرةً بن جُندُب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنْ اغْتَسَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ» رواه أبو داود في سننه (١/ ٢٥١) كتاب الطهارة باب في الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة، حديث (٣٥٤)، والترمذي في سننه (٢/ ٣٦٩) برقم (٤٩٧)، والنسائي في سننه (٣/ ٩٤) برقم (١٣٨٠) قال الألباني: حديث حسن انظر: تحقيقه لرياض الصالحين (١/ ٤٢٤) برقم (١١٦٠).
(٢) هو عبد الملك بن قريب بن عبد الملك، أبو سعيد، الباهلي الأصمعي، البصري، رواية العرب (ت ٢١٦ هـ)، الفهرست: (ص ٨٢)، تاريخ العلماء النحويين: ٢١٨ (٧٨)، الأعلام: (٤/ ١٦٢)، معجم المؤلفين (٦/ ١٨٧).
(٣) الفائق في غريب الحديث (٤/ ٣) حرف النون مع العين.