للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنّ المستثنى خروج مقرون بالإذن؛ لأنّ تقدير كلامه لا تخرج امرأته إلا خروجًا مُلصَقاً بالإذن؛ لأنّ الباء للإلصاق فلابدّ من مُلصَقٍ ومُلصَقٍ به، وما وراءه داخل في الحظر أي ما وراء الخروج الملصق بالإذن باقٍ تحت قوله لا تخرج فإذا خرجت بدون الإذن تطلق؛ لأنّه وجد شرط الحنث وهو الخروج بغير الإذن.

وذكر في المبسوط (١) (لأنّه استثنى خروجًا بصفة وهو أن يكون بإذنه فإنّ الباء للإلصاق فكلّ خُروجٍ لا يكون بتلك الصّفة كان شرط الحنث موجودًا ومعنى كلامه إلا مُستأذنةً قال الله تعالى: (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} (٢) أي مأمورين بذلك.

ونظيره [إن خَرَجتِ إلا بِقِنَاع] فإذا خَرجت بِغير قناعٍ مرّةً حنث) ولو نَوَى الإِذنَ مَرَّةً يُصَدَّقُ دِيَانَةً حتّى لا يحنث في المرّة الثّانية إذا خرجت بغير إذنه؛ لأنّه محتمل كلامه أي لأن ما نواه من إذنه مرّة محتمل قوله لا يخرج امرأته إلا بإذنه، وذلك لأن ما نواه من إذنه مرّة موجب الغاية المذكورة بعد هذا وهي أن يقول لا تخرج امرأته من الدّار حتّى يأذن لها، أو قال إلا أن آذن لها، فَبَيَنَ الغاية والاستثناء مناسبةٌ من حيث إن حكم كلّ واحد منهما بعد الاستثناء، والغاية يخالف ما قبلهما فصار قوله إلا بإذنه على تقدير حتّى يأذن لها.

(ولو قال لها إلا أن آذن لك) إلى آخره، وحاصل ذلك أن ههنا ثلاثة ألفاظ: إلا بإذني، وقد مرّ حكمه وحتّى يأذن لها، وإلا أن آذن لكِ، وحكم هذين واحد وهو أن اليمين ينتهي بالإذن مرّة وذلك لأنّ قوله (إلا أن بمعنى حتّى فيما يتوقت قال الله تعالى: (إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} (٣) أي حتى يحاط بكم. ألا ترى أنّه لا يستقيم إظهار المصدر هنا، بخلاف قوله إلا بإذني فإنّه يستقيم أن يقول إلا خروجًا بإذني؟ فعرفنا أنّه صفة للمستثنى، وههنا لو قال: إلا خروجًا أن آذن لك فإن كلامًا محتملًا، فعرفنا أنّه بمعنى التّوقيت) كذا في المبسوط (٤).

فإن قيل: يشكل على هذا قوله تعالى: (لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ} (٥) فهناك بالإذن مرّة لا تسقط حرمة الدّخول، بل الإذن يحتاج إليه في كل مرّة مع أنّه مذكور بكلمة [إلا أني] فيجب أن يكون الإذن مشروطًا في مسألة الكتاب أيضًا في كل خروج وإن كان مذكورًا بكلمةِ [إلاَّ أَنْ]، كما هناك.


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٨/ ١٧٣).
(٢) سورة مريم آية: (٦٤).
(٣) سورة يوسف آية: (٦٦).
(٤) انظر المبسوط للسرخسي (٨/ ١٧٣).
(٥) سورة الأحزاب آية: (٥٣).