للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه المسألة على أربعة أوجه:

الأولى: إذا حلف لا يأكل بسرًا فأكل بسرًا مذنِبًا، وهو الذي عامته بسرٌ وفيه شيء من الرطب، حنث في يمينه في قولهم، والثانية: إذا حلف لا يأكل رطبًا فأكل رطبًا مذنبًا وهو الذي عامته رطب وشيء فيه من البسر حنث في قولهم والثالثة: لو حلف لا يأكل (١) بسرًا فأكل رطبًا فيه شيء من البسر (يحنث في قول أبي حنيفة ومحمّد -رحمهما الله- ولا يحنث في قول أبي يوسف -رحمه الله-.

والرّابعة: إذا حلف لا يأكله رطبًا فأكل بسرًا فيه شيء من الرطب حنث عندهما وعند أبي يوسف -رحمه الله- لا يحنث، فالحاصل أنّ الغلبة إذا كانت للمعقود عليه يحنث عند الكل، وإن كانت الغلبة لغير المعقود عليه (٢) يحنث عندهما وعند أبي يوسف لا يحنث، وجه قول أبي يوسف -رحمه الله- أنّ البسر المذنب يسمّى بسرًا، ولهذا لو حلف لا يأكل بسرًا، فأكل بسرًا مذنبًا حنث، وإذا كان بسرًا لا يكون رطبًا؛ لأنّهما شيئان مختلفان، ولهذا لو حلف لا يشتري رطبًا فاشترى بسرًا مذنبًّا لا يحنث، كذا في الجامع الصّغير لقاضي خان -رحمه الله- (٣).

قوله: (وقالا (٤) لا يحنث في الرّطب) يعني بالبسر وفي البسر بالرطب المذنب

معناه: لا يحنث فيما إذا عقد يمينه في الامتناع من أكل الرّطب، بأن قال لا يأكل رطبًا. ثم أكل البسر المذنب لا يحنثا أيضًا فيما إذا عقد يمينه في الامتناع من أكل البسر بأن قال لا يأكل بسرًا ثم أكل رطبًا مذنِبًا.

[٤٣٠/ أ] قوله: فيكون أكله أكل البسر والرّطب/ فلما كان كذلك، يحنث في الصّورتين؛ أي فيما إذا حلف على أن لا يأكل رطبًا أو حلف على أن لا يأكل بسرًا وإن كان أحدهما غالبًا والآخر مغلوبًا. ألا ترى أنّه لو تَمَّرَهُ فأكله يحنث إجماعًا، فكذا إذا أكل مع غيره؟ فإن قيل: هذا يُشكل بما إذا حلف لا يشرب هذا اللّبن فصبّ فيه ماء والماء غالب لا يحنث، وإن شرب المحلوف عليه وزيادة.

قلت أنّ اللّبن لما صب الماء فيه شاع وماع في جميع أجزاء اللّبن فصار اللّبن مستهلكًا ولهذا لا يرى مكانه، بخلاف ما نحن فيه؛ لأنّه يرى مكانه فكان قائمًا زمان التّناول.


(١) "رطباً فأكل رطباً مذنباً وهو الذي عامته رطب وشيء فيه من البسر حنث في قولهم ولو حلف لا يأكل " سقط من (ب).
(٢) " يحنث عند الكل وإن كانت الغلبة لغير المعقود عليه " سقط من (أ) والصواب ما في (ب).
(٣) انظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (٣/ ٣٠٥).
(٤) أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله-.