للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فما يؤكل مع الخبز غالبًا فهو موافق له) وهما يقولان: نعم كذلك إلا أنّه يشترط فيه تمام الموافقة وحقيقة التبعية، وذلك إنّما يكون عند الاختلاط بالامتزاج، وذلك أنّ الإدام ما لا يتأتى فيه أكله وحده كالملح فإنّه إدام، والخل واللّبن؛ لأنّه لا يتأتّى فيه الأكل وحده؛ لأنّ ذلك يكون شربًا لا أكلًا، فأمّا اللحم والجبن والبيض فيتأتى فيها الأكل وحدها، فلم يكن إداما) أشار في المبسوط. (١)

وذكر الإمام التمرتاشي -رحمه الله- (٢) وهذه الأصناف على عكس اختلافهم فيمن حلف لا يأكل إلا رغيفًا (٣) فأكل معه البيض ونحوه لم يحنث، وحنث عند محمّد -رحمه الله- وهو يقول: هذا قد يؤكل مقصودًا فلا يصير تبعًا للخبر بالشّك، وهما يقولان إدام من وجه؛ لأنّه قد يؤكل تبعًا، وقد يؤكل وحده فلا يحنث فيهما بالشك، (وأما العنب والبطيخ، فقيل: هو على الاختلاف.

وذكر الإمام السّرخسي (٤) -رحمه الله- أنّه ليس بإدام بالإجماع وهو الصّحيح)، والبقل ليس بإدام بالإجماع لأنّ/ آكله لا يسمّى مؤتدمًا.

[٤٣٢/ أ] (فالغداء الأكل من طلوع الفجر إلى الظّهر) إلى آخره. هذا توسع في العبادة، ومعناه أكل الغداء والعشاء والسّحور على حذف المضاف وذلك؛ لأن (الغداء اسم لطعام الغداء لا اسم أكله، وكذلك العشاء بالفتح والمد اسم لطعام العشي) (٥) كذا في المغرب، ثم لما كان الغداء اسمًا للطّعام من طلوع الفجر إلى الظهر.

(فلو حلف أنّه لا يتغدى) ثم أكل بعد الزّوال لا يحنث؛ لأنّ ذلك الطّعام ليس بغداء بل هو عشاء، وكذلك في قوله لا يتعشى لا يحنث إذا أكل الطّعام بعد نصف الليل، لأنّه لم يوجد التعشي. ولهذا سمي الظهر إحدى صلاتي العشاء في الحديث، فإنه ذكر في الإيضاح في باب الحلف على الغداء فقال: فإنه «ورد في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى إحدى صلاتي العشاء ركعتين يريد به الظّهر أو العصر» (٦) وكذا أيضًا في شرح مختصر العامري (٧).


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٨/ ١٧٦ - ١٧٧).
(٢) انظر: تبيين الحقائق (٣/ ١٣٢).
(٣) الرَّغِيفُ: الخبزُ والجمع أرغِفةٌ وُرغُفٌ ورُغفانٌ. انظر: مختار الصحاح (١/ ١٢٥)، لسان العرب (٩/ ١٥٠)، (رغف).
(٤) انظر: المبسوط للسرخسي (٨/ ١٧٧).
(٥) انظر: المغرب (١/ ٣٣٧).
(٦) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: صَلَّى النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- إِحْدَى صَلَاتَيِ العَشِيِّ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَكْثَرُ ظَنِّي العَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِي مُقَدَّمِ المَسْجِدِ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا، وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ -رضي الله عنهما-، فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ، وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ فَقَالُوا: أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ؟ وَرَجُلٌ يَدْعُوهُ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- ذُو اليَدَيْنِ، فَقَالَ: أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتْ؟ فَقَالَ: لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ، قَالَ: «بَلَى قَدْ نَسِيتَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَكَبَّرَ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ، فَكَبَّرَ، فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وكبر».
رواه البخاري (٢/ ٦٨)، كتاب الصلاة، رقم (٢٢) باب من يكبِّرُ في سَجدَتَي السَّهو، رقم الحديث (١٢٢٩).
(٧) انظر: بدائع الصنائع (٣/ ٦٩).