للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الثّاني: أضاف الصّوم إلى الشّهر فصار الشّهر لتقدير الصّوم كذا ذكره الإمام التمرتاشي -رحمه الله- (١).

«وإن عني النّهار خاصة دين في القضاء)؛ لأنّه حقيقة مستعملة (ولو قال ليلة أكلم فلانًا فهو على اللّيل خاصة)؛ لأنّ اللّيل ضدّ النّهار قال الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} (٢) فكما أنّ النّهار مختصّ بزمان الضياء فكذلك الليل مختص بزمان الظُّلمة والسّواد) كذا في المبسوط (٣). وما جاء استعماله في مطلق الوقت، فإن قيل فكيف يقال هذا فقد يذكر اللّيل بمعنى الوقت؟

قال القائل (٤):

وكنّا حَسِبنَا كُل سَودَاء تَمرَةً … ليَالي لا قَينَا جُذَامًا وحميرًا

والمراد بها الوقت؟ قلنا: هذا القائل ذكر اللّيالي بعبارة الجمع، وذكر أحد العددين بعبارة الجمع يقتضي دخول ما بإزائه من العدد الآخر، وذلك أصل آخر. وإنّما كلامنا الآن في المذكور بعبارة الفرد كذا ذكره الإمام شمس الأئمة السّرخسي -رحمه الله- في الجامع الصّغير (٥).

قوله: لأنّه غاية أما في كلمة حتّى فظاهر لأنّها للغاية، قال الله تعالى: (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} (٦)، وكذلك "إلا" أن قال الله تعالى: (وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ} (٧) إلى أن قال: (إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} (٨) معناه والله أعلم حتّى تغمضوا فيه، فإن قيل كلمه إلا أن للشّرط، بدليل أنّه لو قال أنت طالق إلا أن يقدم فلان فهو بمنزلة قوله إن لم يقدم فلان.

قلنا: هي للغاية فيما يحتمل التّأقيت والطّلاق مما لا يحتمل التأقيت وما نحن فيه يحتمله، لأنّه يمين، واليمين يحتمل التّأقيت، ألا ترى أنّه لو قال لها أنت طالق إن كلمت فلانًا شهرًا؟ يتوقت وينقضي بانقضاء الشّهر، بخلاف ما لو قال أنت طالق شهرًا كذا في الفوايد الظهيريّة (٩).

(وإن مات فلان سقطت اليمين) أي فلأن الذي أسند إليه القدوم في قوله إلا أن يقدم فلان.


(١) انظر: العناية (٥/ ١٤٥ - ١٤٦).
(٢) سورة الفرقان آية: (٦٢).
(٣) انظر المبسوط للسرخسي (٩/ ١٩).
(٤) زفر بن الْحَارِث. انظر: جمهرة الأمثال (٢/ ٢٨٧).
(٥) انظر: المبسوط للسرخسي (٣/ ١٢٣).
(٦) سورة القَدْر آية: (٥).
(٧) سورة البقرة آية: (٢٦٧).
(٨) سورة البقرة آية: (٢٦٧).
(٩) انظر: درر الحكام (٣/ ٢٩٧).