للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا يشترط دوامها أي دوام إضافة المرأة إلى الزوج وإضافة العبد إلى الولي ليس بشرط للحنث، بل يحنث بعد زوال الزّوجية، وبعد بيع العبد، وبعد زوال الصّداقة، وتعلّق الحكم بعينه كما في الإشارة، بأن قال: لا أكلّم عبد فلان هذا، أو لا أكلّم زوجة فلان هذه، بحيث إذا وجد الشّرط بعد زوال ملك العبد والزّوجية، وجه ما ذكر ههنا وهو عدم الحنث في العبد والزّوجة والصديق إذا وجد الشّرط بعد زوال الزّوجية، (وإن حلف لا يدخل دار فلان هذه) إلى آخره، وعن محمّد -رحمه الله- لا يدخل دار رجل بعينه مثل دار عمرو بن حريث (١) وغيرها من الدّور المشهودة بأربابها (فباعها مالكها ثم دخل حنث)؛ لأنّ الإضافة لأجل النّسبة لا لأجل الملك، وكذا لا يأكل من طعام فلان وفلان يبيع الطّعام فاشترى منه فأكل يحنث، وفي الكفاية عن أسدٍ لا يتزوّج ابنة فلان، وليس له بنت فولدت له فتزوجها لا يحنث إجماعًا؛ لأنّ قوله ابنة فلان يقتضي ابنة موجودة في الحال كذا ذكره الإمام التمرتاشي -رحمه الله- (٢).

فهو على هذا الاختلاف أي لا يحنث في قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله-، ويحنث في قول محمّد وزفر -رحمهما الله-، ثم هذا الاختلاف في يمينه هذه فيما إذا لم يكن له نيّة في دوام الإضافة وعدمها، (وأمّا إذا نوى في أنّه لا يدخلها، وإن زالت الإضافة فله ما نوى؛ لأنّه شدد الأمر على نفسه بنيته وكذلك عند محمّد -رحمه الله- لو نوى أن لا يدخلها ما دامت لفلان فله ما نوى؛ لأنّ المنوي من محتملات لفظه) كذا في المبسوط (٣).

والإشارة أبلغ منها فيه أي من الإضافة في التّعريف لكونها قاطعة للشّركة؛ لأنّ في الإشارة لا يشاركه فيها غيره، وأمّا الإضافة فيشارك فيها غيره؛ لأنّه يحتمل أن يكون لذلك الفلان عبيد ودور تأخر؛ لأنّ هذه الأعيان وهي الدّابة والعبد والدار (٤)، فإن قيل: يحتمل أن يكون الهجران باعتبار ذات الدّار والدّابة على ما قيل «الشّؤُمُ في الثلاث في الدّار والمرأة والفرس» (٥).


(١) عمرو بن حريث ابن عمرو بن عثمان بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ مَخْزُوْمٍ المخزومي، أخو سَعِيْدِ بنِ حُرَيْثٍ، كَانَ عَمْرٌو مِنْ بَقَايَا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الَّذِين كانوا نزلوا الكوفة. مولده قُبيلَ الهجرة. له صحبَةٌ، وروايَةٌ. وروى أيضًا عن أبي بكرٍ الصِّدِّيق، وابن مسعُودٍ. توفِّي سنة خمسٍ وثمانين.
انظر: سير أعلام النبلاء (٤/ ٤٢٩)، الإصابة (٤/ ٥١٠)، تهذيب التهذيب (٨/ ١٧)، أسد الغابة (٤/ ٢٠١).
(٢) انظر: بدائع الصنائع (٣/ ٨٠).
(٣) انظر المبسوط للسرخسي (٨/ ٢٦٥).
(٤) العبارة كاملة: "لأَنَّ هذه الأعْيَانَ: أي الدَّارُ والدَّابَّةُ والثَّوبُ لا تُهجَرُ ولا تُعادَى لِذواتِها، وكذا العَبدُ لسُقُوطِ منزِلَتِهِ". انظر: العناية (٥/ ١٥٢).
(٥) عن ابن عمر، قال: ذكروا الشُّؤْمَ عند النَّبي -صلى الله عليه وسلم- فقال النَّبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن كان الشُّؤمُ فِي شيءٍ ففي الدَّار، والمَرأةِ، وَالفَرَسِ». رواه البخاري في كتاب النكاح، رقم (٦٧)، باب ما يتقى من شؤم المرأة (٧/ ٨)، رقم الحديث (٥٠٩٤)، صحيح مسلم، كتاب السلام، رقم (٣٩) باب الطِّيَرَةِ والفَأْل وما يكون فيه من الشُّؤمِ، رقم (٣٤)، (٤/ ١٧٤٦)، رقم الحديث (٢٢٢٥).