للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنّ الشّرط قران النّية أي شرط الخروج عن عهدة التكفير قران نية التكفير بعلّة العتق وهي اليمين فلم يوجد نية التكفير وقت يمينه «لأنّ الكلام فيه فأمّا الملك عند الشّراء شرط العتق ولا أثر له في استحقاق ذلك العتق فيكون معتقاً بيمينه) (١) ولم تقترن نيّة الكفارة بها حتّى لو اقترنت جاز) كذا في المبسوط (٢).

خلافاً لزفر والشّافعي -رحمهما الله- وهو قول أبي حنيفة الأول -رحمه الله-.

فأمّا العلّة هي القرابة؛ لأنّ العتق في القريب بطريق الصلة والقرابة هي العلة للصّلات كما في النّفقة والتزاور، (وحجّتنا في ذلك ظاهر الآية ففيها أمر بالتحرير وهو تصيير شخص مرقوق حراً كالسويد تصيير المحل أسود وقد وجد ذلك وهذا؛ لأن شراء القريب إعتاق قال النبي -عليه السلام-: «لن يجزي ولد والده» (٣) الحديث.

وسماه بالشراء مجازياً وإنّما يكون مجازياً بالإعتاق، والدّليل عليه أنّه لو اشترى نصف قريبه يضمن لشريكه إن كان موسراً والضّمان الذي يختلف باليسار والإعسار لا يكون إلا عن إعتاق؛ ولأنّ العتق صلة وللملك تأثير في استحقاق الصّلة شرعًا حتّى تجب الزكاة باعتبار الملك صلة للفقراء؛ كما للقرابة تأثير في استحقاق الصّلة فكان كلّ واحد من الوصفين لكونه مؤثراً علة، ومتى تعلّق الحكم بعلة ذات وصفين يُحال به على آخر الوصفين وجودًا لأن تمام العلّة به وآخر الوصفين هنا الملك فيكون به معتقاً، ولهذا لو ادّعى أحد الشّريكين نسب نصيبه يضمن لشريكه، لأن آخر الوصفين وجود القرابة ههنا فيصير به معتقاً ولا يدخل على هذا شهادة الشّاهد الثّاني فإنّه لا يحال بالإتلاف عليها وإن تمت الحجة بها؛ لأنّ الشّهادة لا توجب شيئاً بدون القضاء والقضاء يكون بها جميعا.

وبهذا يتبين فساد قولهم أنّ العتق مستحق بالقرابة لأنّ الاستحقاق لا يثبت قبل كمال العلّة ولا معنى لقولهم أن في هذا صرف منفعة الكفّارة إلى أبيه؛ لأنّه لما جاز صرف هذه المنفعة إلى عبده.

[٤٣٨/ أ] بخلاف الإطعام/ والكسوة فصرفه إلى أبيه أولى وكذلك إن وهب له أو تصدّق به عليه أو أوصى له به وهو ينوي عن كفارته فهو على الخلاف الذي قلنا، لأنّ الملك بهذه الأسباب يحصل بصنعه وهو القبول فأمّا إذا ورث أباه ينوي به الكفارة لا يجزيه؛ لأنّ الميراث يدخل في ملكه من غير صنعه وبدون الصّنع لا يصير محرراً والتكفير إنّما يتأدّى بالتّحرير ولهذا لا يضمن لشريكه إذا ورث نصفه قريبه) كذا في المبسوط (٤).


(١) سقط من (ب).
(٢) انظر المبسوط للسرخسي (٧/ ٩).
(٣) اخرجه مسلم (٢/ ١١٤٨)، كتاب العتق، رقم (٢٠)، باب فضل عتق الوالد، رقم (٦)، رقم الحديث (١٥١٠)، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يجزي ولدٌ والداً الا ان يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه).
(٤) انظر المبسوط للسرخسي (٧/ ٨).