للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنّ حريتها مستحقّة بالاستيلاد في هذا جواب لسؤال من سأل وهو أن يقال ما الفرق بين شراء القريب وبين شرى أمّ الولد مع أنّ الشرى في الفصلين جميعًا مسبوق بما يوجب العتق من وجه أمّا في شرى القريب؛ فلأنّ القرابة سابقة عليه وهي جهة في العتق وكذلك الاستيلاد سابق على الشّرى أيضاً وقد جاز التكفير في أحد هذين وهو شرى القريب دون الآخر، وهو شرى أمّ الولد مع مساواتهما في علّة عدم الجواز فأجاب عنه بهذا وتحقيق الفرق هو أنّ الاستيلاد ينزل منزلة الإعتاق لقوله -عليه السلام-: «أعتقها ولدها» (١) لكنه موقوف على الملك فصار كما لو قال: إن اشتريتك فأنت حر ثم اشتراه ناوياً عن كفارة يمينه لا يجوز وقد ذكرناه ولا كذلك القرابة فإنّها ليست بإعتاق إلى هذا أشار في الفوايد الظهيرية (٢).

(ومن قال إن تسرّيتُ جارية فيه حرة) اعلم أن للتَّسَرِّي (٣) معنى لغوياً وشرعيًّا:

أمّا اللغة: فإن التَّسَرِّي مأخوذ من السّرية واحدة السراري وهي الأمة التي بَوَّءتَها بيتًا وهي فعلية منسوبة إلى السر وهو الجماع أو الإخفاء؛ لأنّ الإنسان يَسُرُهُ وإنّما ضُمَّت سِيِنُهُ؛ لأنّ الأبنِيَة قد تُغَيّر في النِسبَةَ خَاصَّةً كما قالوا في النِسبَةِ إلى الَدَهرِ دُهرِيٌ وإلى الأرض السهلة سُهلِي.

وكان الأخفش (٤) يقول أنّها مشتقة من السرور؛ لأنّه يسر بها يقال تسرّرت جارية وتسرّبت أيضاً كما قالوا تظننت وتظنيت بقلبه إحدى النّونات ياء، (وقيل السّرية مأخوذة من السّرى وهو السيد؛ لأنّه إذا اتّخذها سرية فقد جعلها سيدة الجواري كذا في الصّحاح) (٥) والفوايد الظهيريّة (٦).


(١) سبق تخريجه ص (١٨١).
(٢) انظر: بدائع الصنائع (٥/ ١٠٠).
(٣) التَّسَرِّي فِي اللُّغَةِ: اتِّخَاذُ السُّرِّيَّةِ. يُقَال: تَسَرَّى الرَّجُل جَارِيَتَهُ وَتَسَرَّى بِهَا وَاسْتَسَرَّهَا: إِذَا اتَّخَذَهَا سُرِّيَّةً، وَهِيَ الأَمَةُ الْمَمْلُوكَةُ يَتَّخِذُهَا سَيِّدُهَا لِلْجِمَاعِ. وَهِيَ فِي الأْصْل مَنْسُوبَةٌ إِلَى السِّرِّ بِمَعْنَى: الْجِمَاعِ.
انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (١١/ ٢٩٤)، (تسري).
وحاشية ابن عابدين على الدر المختار (٣/ ١١٣)، وفتح القدير لابن الهمام على الهداية للمرغيناني (٤/ ٤٤٠ - ٤٤١).
(٤) أبو الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي بالولاء النحوي البلخي المعروف بالأخفش الأوسط؛ أحد نحاة البصرة، والأخفش الأكبر أبو الخطاب، وكان نحوياً أيضاً من أهل هجر من مواليهم، واسمه عبد الحميد بن عبد المجيد، وقد أخذ عنه أبو عبيدة وسيبويه وغيرهما. وكان الأخفش والأوسط المذكور من أثمة العربية، وأخذ النحو عن سيبويه.
انظر: وفيات الأعيان (٢/ ٣٨٠)، نور القبس: (٩٧)، وانباه الرواة (٢: ٣٦).
(٥) انظر: الصحاح (٦/ ٢٣٧٥).
(٦) انظر: البناية (٦/ ٢١٧).