للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: لا يجوز أنْ يكون الحكم بِعين النُّصرة لثبوت الاستحقاق للنِّساء والذَّراري وهم ليسوا بأَهل النُّصرة. قلنا: ما كانت هذه نُصرةَ قتال، وإنَّما كان هذا نصرة اجتماع، ومثل هذا يكون من النِّساء والولدان على أنَّ النساء والذراري تَبَع للرِّجال؛ أَلا ترى أنَّ أهل الذِّمَّة صاروا كالمسلمين في أحكام الدُّنيا بِبَذل الجزية، وثبت الحُكم للنِّساء والذراري تبعًا لهم مع أنَّه لا جزية عليهم (١)؛ إلى هذا أشار في الأسرار.

مثل (دِرع أو سَيف أو جارية) كما رُوي أنَّ ىالنَّبي -عليه الصلاة والسلام- اصطفى ذا (٢) الفقار من غنائم بدر (٣)، واصطفى صفية من غنائم خيبر (٤)، وسقط/ ذلك بوفاته -عليه الصلاة والسلام- بالإجماع (٥).

(والحُجَّة عليه ما قدَّمناه) وهو قوله: (لأنَّه (٦) -عليه الصلاة والسلام- كان يستحقُّ برسالته) … إلى آخره.

(بالنصرة لما رويناه)، أراد به قوله: (والنَّبي -عليه الصلاة والسلام- أَعطاهم للنُّصرة) … إلى آخره.

قال -رحمه الله-: (هذا الذي ذَكَره قولُ الكرخي (٧) وهو قوله: (يدخل فقراء ذوي القربى فيهم).

وقوله: (لما رُوِّينا مِن الإجماع) إشارةً إلى قوله: (ولنا أنَّ الخلفاء الأربعة الرَّاشدين قَسَموه على ثَلاثة)، وجه الأوَّل، وهو قول الكرخي: وقيل: هو الأَصحُّ، وإنَّما لم يَقُل: وهو الأصح؛ لأنَّ في المبسوط اختار قولَ أبي بكر الرَّازي (٨) على ما نَذكر، إنْ شاء الله تعالى، فكان الصَّحيح قول الكرخي قولًا قيل فيه، لا قولًا مُتَّفقًا على صحَّته.


(١) ينظر السير الكبير (١/ ٣٤٥).
(٢) في (ب) "ذو".
(٣) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، في مسند عبد الله بن العباس برقم (٢٤٤٥) ٤/ ٢٥٩، والترمذي في سننه، كتاب أبواب السير، باب في النفل، برقم (١٥٦١) ٤/ ١٣٠، وابن ماجه في سننه، كتاب أبواب الجهاد، باب السلاح، برقم (٢٨٠٨) ٤/ ٨٨، والطبراني في معجمه، برقم (١٠٧٣٣) ١٠/ ٣٠٣، قال الترمذي: حديث حسن غريب. ينظر البدر المنير (٧/ ٤٥٨).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، برقم (٤٢١١) ٥/ ١٣٥، ومسلم في صحيحه، كتاب النكاح، باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها، برقم (١٣٦٥) ٢/ ١٠٤٥.
(٥) ينظر الإقناع في مسائل الاجماع (١/ ٣٤٦).
(٦) ساقط من (ب).
(٧) هو عبيد الله بن الحسين الكرخي، أبو الحسن: فقيه، انتهت إليه رئاسة الحنفية بالعراق. ووفاته ببغداد ٣٤٠ هـ. له "رسالة في الأصول التي عليها مدار فروع الحنفية" و"شرح الجامع الصغير" و"شرح الجامع الكبير". ينظر تاريخ الإسلام ت بشار (٧/ ٧٤٢)، سير أعلام النبلاء (١٥/ ٤٢٦).
(٨) هو أحمد بن علي أبو بكر الرازي الإمام الكبير الشان المعروف بالجصاص وهو لقب، فاضل من أهل الري، سكن بغداد ومات فيها سنة ٣٧٠ هـ. انتهت إليه رئاسة الحنفية، وخوطب في أن يلي القضاء فامتنع.
ينظر الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ٨٤)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (ص: ٩٦).