للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(والبصرة (١) عنده عشرية) هذا جواب لإشكال يرِدُ على مذهب أبي يوسف، وهو أنّ ما يكون (٢) مِن حَيِّز الأرض الخراجية فهو خراجي، وَالبصرة من حَيِّز الأرض الخراجية، ومع ذلك إنَّها عُشرية، فقال: ذلك حكم يثبت بإجماع الصَّحابة (٣) بخلاف القياس (٤).

(كفناء الدَّار يعطى له حكم الدار) في حقِّ الانتفاع؛ يعني: وإنْ كان ذلك الفناء غَير مملوك له يجوز له الانتفاع به، لاتصاله بملكِه أُعطي له حكم الملك في حقِّ لانتفاع، فكذلك ههنا أعطي لهذه الأرض المحياة حكم جوازها لاتصالها به. وذَكر في باب ما يُحدثه الرَّجل في الطريق من "كتاب الجنايات" من الكتاب، "إذا قال المستأجِر للأُجراء: هذا فنائي، وليس له فيه حقُّ الحفر فحفَروا، فمات فيه إنسان فالضَّمان على الأُجراء قياسًالأنَّهم علموا بفساد الأمر فما غرَّهم. وفي الاستحسان الضَّمان على المستأجرلأنَّ كونَه فناءً له بمنزلةِ كونه مملوكًا له لانطلاق يده في التّصرف فيه من إلقاء الطِّين، والحطب، وربط الدابة، والركوب، وبناء الدكّان" (٥). وبهذا يُعلم أنَّ فِناء الدَّار في إطلاق التصرُّف لصاحب الدَّار، وإنْ لم يكن الفِناء ملكًا له بمنزلة الملك فيه.

وذكر في المبسوط: أَلا ترى أنَّ ما يقرُب من القرية في حقِّ الانتفاع، ومَنْع الإحياء بمنزلة فِناء الدَّار (٦)، ولفظ المنع مِن الإحياء إنَّما يُذكر فيما إذا كان يصلُح للإنتفاع للعامة، وهو ليس مملوكًا لأحدٍ. وأمَّا في حقِّ المملوك فلا يستقيم ذكر المنع من الإحياء لأنَّ المنع إنَّما يتحقَّق فيما يتصوَّر فيه الإحياء لكن مَنَع لمانع.


(١) البصرة: وهي في الإقليم الرابع، وبعدها عن خط المغرب أربع وستون درجة، وذلك من الأميال، أربعة آلاف وثمانمائة وأربعة وثمانون ميلا. والبصرة مدينة الدنيا، وقاعدة العراق، وموسم التجار. مستطيلة طول فرسخين في عرض فرسخ. آكام المرجان فى ذكر المدائن المشهورة فى كل مكان (ص: ٣٩).
(٢) في (ب) "كان".
(٣) وقد جاء أنّ عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وظف على البصرة العشر، وذاك بمحضر الصحابة ولم يعارضه أحد فكان إجماعا. ينظر الأحكام السلطانية للماوردي (ص: ٢٦٦ - ٢٦٧).
(٤) نص الهداية: "والبصرة عنده عشرية بإجماع الصّحابة -رضي الله عنهم- لأنّ حيز الشّيء يعطي له حكمه كفناء الدار يعطى له حكم الدّار حتّى يجوز لصاحبها الانتفاع به وكذا لا يجوز أخذ ما قرب من العامر، وكان القياس في البصرة أن تكون خراجية لأنّها من حيز أرض الخراج". الهداية في شرح بداية المبتدي (٢/ ٣٩٩).
(٥) الهداية في شرح بداية المبتدي (٤/ ٤٧٥ - ٤٧٦).
(٦) ينظر المبسوط للسرخسي (٣/ ٧).