للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأسباب التي توجب سقوط الخراج]

(أو اصطلم الزَّرع آفة فلا خراج عليه) لأنَّه مصاب فيستحقُّ المؤنَة، ولو أخذنا (١) بالخراج كان به استئصاله. وممَّا حمد من سِيَر الأكاسرة (٢) أنَّهم كانوا إذا اصطلَم الزَّرع آفة يردُّون على الدَّهاقين (٣) من خزائنهم ما أنفقوا في الأرض، و [يقولون] (٤) التَّاجر شريك في الخسران كما هو شريك في الربح. فإن لم [نردّ] (٥) عليه شيئًا فلا أقلّ من أن لا [آخذ] (٦) منه الخراج. وهذا بخلاف الأجر، فإنَّه يجب بقَدْر ما كانت الأرض مشغولة بالزَّرع؛ لأنَّ الأجر عِوَض

[لوح ٤٩٧/ أ]

المنفعة، فبِقَدر ما استوفى من المنفعة يصير الأجر دينًا في ذمّته. فأمَّا الخَراج فصِلَة واجبة بقدر ريع الأراضي، فلا يمكن/ إيجابه بعدما اصطلم الزرع آفةههنا أعطي لهذه الأرض المحياة حكم جوازها لاتصالها به. لأنَّه ظَهَر أنَّه لم يمكن من استغلال الأرض.

"فإذا عطَّل أرضه لم يسقُط عنه خراجها لأنَّه هو الذي اختار ترك الاستغلال والانتفاع بها، وقصد بذلك إسقاط حقِّمصارف الخراج، فرُدَّ عليه قصدُهبخلاف العُشر، فالواجب هناك جُزء مِن الخراج. والإيجاب بدون المحلِّ لا يتحقَّق، وههنا الواجب مال في ذمَّته باعتبار تمكُّنه من الانتفاع بالأرض، فلَم ينعدِم ذلك بتعطيله الأرض" (٧)؛ كذا في المبسوط.

وذكر في الفوائد الظهيرية الفَرْق بين الأَجر والخراج مع أنَّ وجوب كلِّ واحدٍ منهما متعلِّق بالتمكُّن، هو أنَّ الأجر يجب شيئًا فشيئًا بمقابلة استيفاء المنفَعة، ولا كذلك الخراج؛ لأنَّه لا يجب شيئًا فشيئًا، فيُعتبَر المُكنة في المدَّة التي يحصل فيها الريع.

ثم قال: هذا إذا ذهب كلُّ الخارج، أمَّا إذا ذهب بعضُه، فإنْ بقي مقدار الخراج ومثله، بأنْ بقي مقدار دِرهمين وقفيزين يجب الخراجلأنَّه لا يزيد على نِصف الخارج، وإن بقي أقلُّمن مقدار الخراج يجب نِصفه (٨).

"قال مشايخنا: ما ذكر في الكتاب أنَّ الخراج يسقط بالاصطلام (٩) محمولٌ على ما إذا لم يبقَ مِن السَّنة مقدار ما يمكن أنْ يُزرع الأرض ثانيًا. أمَّا إذا بقي فلا يسقُط الخراج" (١٠).


(١) في (ب) "أخذناه".
(٢) الأكاسرة: سمة لملوك الفرس، شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (٩/ ٥٨٣٠).
(٣) الدهقان: التاجر، فارسي معرب، وهم الدهاقنة والدهاقين. لسان العرب (١٣/ ١٦٣).
(٤) في (أ) "ويقول".
(٥) في (أ) "يرد".
(٦) في (أ) "يأخذ".
(٧) المبسوط للسرخسي (١٠/ ٨٢ _ ٨٣).
(٨) ينظر المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٢/ ٣٥١).
(٩) ينظر مختصر القدوري (ص ٣٦٧).
(١٠) العناية شرح الهداية (٦/ ٣٩)، البناية شرح الهداية (٧/ ٢٣٢)، وأحاله إلى شرح الطحاوي.