للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي: من وجه دون وجه، إذ لو كانت أصلاً من كل وجه لما دخلت، كما في مسألة الصبرة، لو وجدها زائدة لا تدخل الزيادة، فكان الذرع ههنا أصلاً، مع رعاية (١) جانب الوصفية لم يكن أخذاً بالمشروط، والمشروط هو أن يكون كل ذراع بدرهم، وقالا: هو جائز، وفي شروح الجامع الصغير، وقالا: هو جائز إذا كانت الدار مائة ذراع (٢).

وذكر الخصّاف (٣) -رحمه الله- في هذه المسألة أن فساد البيع عند أبي حنيفة -رحمه الله- لجهالة جملة الذرعان، وأما إذا عرفت مساحتها يجوز عنده، وجعل هذه المسألة على قياس ما لو باع كل شاة من القطيع بعشرة، إن كان عدد جملة الشياه معلوماً يجوز عنده، وإن لم يكن معلوماً لا يجوز (٤).

وذكر أبو زيد الشُّرُوطِيّ (٥) - رحمه الله - في شرحه: أن على قول أبي حنيفة رحمه الله- البيع فاسد، وإن علم ذرعان الجملة، وهو جواب الجامع الصغير (٦)، وهو أصح، كما قاله الخصاف، كذا في المغني (٧).

وذكر في الجامع الصغير للإمام شمس الأئمة السرخسي (٨) -رحمه الله-، ولم يذكر ههنا ولا في البيوع أنه لو اشترى عشرة أذرع من هذه الدار ولم يقل: من مائة ذراع كيف الحكم فيه على قولهما، فمن أصحابنا من يقول: ينبغي أن لا يجوز العقد بمنْزلة ما لو اشترى سهماً منها، والأصح أنه يجوز عندهما؛ لأن هذه الجهالة لا تفضي إلى المنازعة، فإنه يمكن أن يذرع جميع الدار، حتى إذا كانت مائة ذراع علم أن المبيع عشرها، وإن كانت خمسين ذراعاً علم أن المبيع خمسها، بخلاف ما لو اشترى سهماً منها ولم يقل من كذا كذا سهماً؛ لأن تلك الجهالة تفضي إلى المنازعة، ولا يمكن رفعها، فسهم من سهمين النصف، وسهم من عشرة أسهم العشر، أما في الذرع فإزالة الجهالة ممكنة.


(١) "اعتبار" في (ب).
(٢) ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٥/ ١٦٢).
(٣) أحمد بن عمرو -وقيل: عمر- ابن مهير وقيل: مهران-، أبو بكرالخصاف، الشيباني. ذكره صاحب الهداية، وله عدة مصنفات، مات ببغداد سنة إحدى وستين ومائتين. إكمال تهذيب الكمال (ج ١: ص ٩٦)، وتاريخ الإسلام ووفيات المشاهير (ج ٦: ص ٣٢٥)، وتاج التراجم (ج ١: ص ٩٧).
(٤) المحيط البرهاني (٦/ ٣٦٣).
(٥) أحمد بن زيد الشروطي أبو زيد، ذُكر له من الكتب: كتاب الوثائق، وكتاب الشروط الكبير، وكتاب الشروط الصغير. الجواهر المضية (١/ ٦٨)، تاج التراجم (ص: ١١٣).
(٦) ينظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٣٣٨).
(٧) سبق التعريف به ص ٩٥.
(٨) محمد بن أحمد بن أبي سهل، أبو بكر السرخسي، الإمام الكبير، شمس الأئمة، صاحب المبسوط وغيره، أحد الفحول الأئمة الكبار أصحاب الفنون، كان إماماً علامةً حجةً متكلماً فقيهاً أصولياً مناظراً، مات فى حدود التسعين وأربع مائة الجواهر المضية في طبقات الحنفية (٢/ ٢٨ - ٢٩).