للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولو اشترى عدلاً على أنه عشرة أثواب)

أي: بعشرة دراهم أو نحوها؛ لأنه لو لم يذكر الثمن أصلاً لم يتوقف فساد البيع أصلاً إلى وجود المبيع زائداً أو ناقصاً، بل يفسد، وإن وجده كما سماه.

وذكر الإمام قاضي خان -رحمه الله- صورة المسألة بقوله: بعتك هذه الرزمة على أنها خمسون ثوباً بألف، ولم يسمِّ لكل ثوب ثمناً فسد البيع؛ لجهالة المبيع فيما إذا وجده زائداً وهو أحد عشر (١).

(أو الثمن) (٢) أي: لجهالة الثمن فيما إذا وجده ناقصاً وهو تسعة، وإنما قلنا: في الزيادة جهالة المبيع، وفي النقصان جهالة الثمن؛ لأنه لما وجد المبيع زائداً عما سماه لم يدخل الزيادة تحت البيع؛ لأن الذي دخل تحت البيع هو عشرة أثواب لا غير، فيجب رد الزيادة، وأنها مجهولة جهالة تفضي إلى المنازعة.

وأما إذا وجده ناقصاً فيسقط حصة النقصان عن ذمة المشتري، وتلك الحصة غير معلومة؛ لأن الكلام فيما إذا لم يبين ثمن كل ثوب على حدةٍ، والثوب من ذوات القيم، فكان حصة الثوب الناقص مجهولاً لا محالة، وجهالتها توجب جهالة الباقي من الثمن؛ لأن الثمن مجموعة فيلزم جهالة الثمن، أي: ثمن ما بقي من المبيع، وهو تسعة أثواب.

وذكر في الذخيرة (٣): "وإن وجدها أنقص من ذلك إن لم يسمِّ لكل ثوب ثمناً فالبيع فاسد؛ لأن الثمن مجهول؛ لأن حصة الذاهب مجهولة، وجهالة حصة الذاهب توجب جهالة (٤) الباقي؛ وهذا لأنه إذا لم يسمِّ لكل واحد ثمناً فالثمن ينقسم باعتبار القيمة، ولا يدري قيمة الذاهب بيقين؛ لأنه لا يدري أنه كان جيداً أو وسطاً أو رديئاً، فكان حصة الذاهب مجهولة".

ولو بيَّن لكل ثوب ثمناً جاز في فصل النقصان بقدره، وله الخيار

أي: إن شاء أخذ المشتري الموجود بحصته من الثمن، وإن شاء ترك؛ لأن الثمن معلوم، إلا أنه تغير عليه شرط عقده، فكان له الخيار.


(١) ينظر: البناية شرح الهداية (٨/ ٢٦).
(٢) قال في الهداية: "لهما أن عشرة أذرع من مائة ذراع عشر الدار فأشبه عشرة أسهم. وله أن الذراع اسم لما يذرع به، واستعير لما يحله الذراع وهو المعين دون المشاع، وذلك غير معلوم، بخلاف السهم. ولا فرق عند أبي حنيفة بين ما إذا علم من جملة الذراعان أو لم يعلم هو الصحيح خلافاً لما يقوله الخصاف لبقاء الجهالة. ولو اشترى عدلاً على أنه عشرة أثواب، فإذا هو تسعة، أو أحد عشر، فسد البيع؛ لجهالة المبيع، أو الثمن" الهداية (٣/ ٩٤٣).
(٣) المحيط البرهاني (٦/ ٣٧٤).
(٤) "حصة" زيادة في (ب).