للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما في غير الكلب والخنزير إذا استخرج حيًّا فإنه لا ينزح شيء من الماء، وهذا إذا لم يصب فمه الماء، وأما إذا أصاب فمه إن كان سؤره طاهرًا فالماء طاهر، وإن كان سؤره نجسًا فالماء نجس، وإن كان سؤره مكروهًا فالماء مكروه، ويستحب أن ينزح منها عشر دلاء، فإن كان مشكوكًا بنزح ماء البئر كله كذا في «شرح الطحاوي» (١).

[فإن] (٢) قلت: فبإطلاق قوله وأما في غير الكلب والخنزير إذا استخرج حيًّا لا ينزح شيء [يعلم] (٣) أن الواقع وإن كان ذئبًا أو ثعلبًا أو غيرهما من السباع سوى الكلب والخنزير لا ينجس البئر إذا أخرج حيًّا ولم يصب فمه الماء، وكذلك يعلم أن في الكلب والخنزير لا يشترط إصابة الفم في تنجيس الماء كله، ولكن ذكر في «المحيط» و «فتاوى قاضي خان» «أن سائر السباع بمنزلة الكلب» (٤) حتى إذا وقع سبع من السباع وأخرج حيًّا ولم يصب فمه الماء ينزح ماء البئر كله بمنزلة الكلب، والحق الكافر بالكلب في «المحيط»: «سام أبرص (٥) من كبار الوزغة» (٦).

(يَعْنِي بَعْدَ إخْرَاجِ الْفَأْرَةِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- «أَنَّهُ قَالَ فِي الْفَأْرَةِ إذَا مَاتَتْ فِي الْبِئْرِ وَأُخْرِجَتْ مِنْ سَاعَتِهَا: نُزِحَ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا» وَالْعُصْفُورَةُ وَنَحْوُهَا تُعَادِلُ الْفَأْرَةَ فِي الْجُثَّةِ فَأَخَذَتْ حُكْمَهَا)

-قوله: (يعني بعد إخراج الفأرة) لأن سبب نجاسة البئر حصول الفأرة الميتة فيها فلا يمكن الحكم بالطهارة مع بقاء السبب الموجب للنجاسة «فإن أخرجت الفأرة ثم نزح منها عشرون دلوًا وهو يقطر فيها لم يضرها ذلك؛ لأن النزح على وجه لا يقطر شيء [منه فيها بتعذر] (٧) وما لا يستطاع الامتناع منه يكون عفوًا لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]، ولو صب الدلو الأخير في بئر أخرى فعليهم أن ينزحوا دلوًا مثلها كما لو صبت في البئر الأولى؛ لأن حال البئر الثانية بعد ما حصل هذا فيها كحال البئر الأولى حين كان هذا الدلو فيها، وإن صبت الدلو الأولى منها في بئر طاهرة كان عليهم أن ينزحوا منها [عشرين] (٨) دلوًا» لما ذكرنا، كذا في «المبسوط».


(١) انظر: شرح معاني الآثار للطحاوي (١/ ٢١) باب سؤر السهر.
(٢) ساقطة من (أ) والتثبيت من (ب).
(٣) في (ب): «فعلم».
(٤) انظر: فتاوى قاضي خان (١/ ١٧) فصل فيما يقع في البئر والمحيط (٥/ ٥١٣).
(٥) السامُّ الأبرص: الوزغة، وهما اسمان جُعلا اسمّا واحداً، فإن شئت أعربت الأول وأضفته إلى الثاني، وإن شئت بنيت الأول على الفتح وأعربت الثاني، ولكنه غير منصرف في الوجهين، وقالوا في التثنية والجمع: سامَّا أبرص وسوامٌ أبرص، وربما جمعوا على سوام أو برصَة وأبارص، انظر: المصباح المنير (١/ ٧٢)، والمعجم الوسيط (١/ ٥١) مادة [ب ر ص].
(٦) المحيط البرهاني (٦/ ٥٧).
(٧) في (ب): «منها فيها متعذر».
(٨) في (ب): «عشرون».