للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"أي: فيكون البائع الأول مشترياً التي باعها بأقل مما باع، فكان حينئذ يرد حكم المسألة الأولى -وهي شراء ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن- وهو فاسد، فكذا هذا في حق الجارية التي اشتراها، ثم باعها من البائع مع أخرى بمثل الثمن الأول وهو خمسمائة؛ لأنه لابد من تقسيم الخمسمائة عليهما، فيصيب لكل واحدة منهما بعض الخمسمائة، فيكون البائع الأول مشترياً التي باعها بأقل مما باعها [قبل نقد الثمن لا محالة، فيفسد العقد في التي باعها] (١)، ثم اشتراها لما قلنا.

فإن قلت: علة الفساد في التي باعها ثم اشتراها لو كانت أصابة الثمن لها في حصتها أقل من خمسمائة عند تقسيم الثمن عليهما للزوم شرى (٢) ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن في حقها كان ينبغي أن لا يفسد البيع في التي اشتراها المشتري بخمسمائة لو باعها وأخرى معها من البائع بألف وخمسمائة؛ لأن عند تقسيم الثمن يصيب كل واحد منهما أكثر من خمسمائة، فلا يكون فيه شرى ما باع (٣)، ومع ذلك كان البيع فيها (٤) أيضاً فاسداً، كذا أورده العلَمَان في الاتفاق في الكشف والبيان شمس الأئمة وفخر الإسلام رحمهما الله - في جامعهما.

قلت: إنما فسد فيها (٥)؛ لأن جهات جواز العقد فيها كثير؛ لأنا لو جعلنا بإزاء ما باعها ألفاً جاز، وإن جعلنا بإزائها ألفاً وحبه جاز أيضاً، ثم هكذا وهكذا، وإذا تعدد جهة الجواز وليس البعض في الحمل عليها بأولى من البعض، فامتنع الجواز، بخلاف الأكرار (٦) وأمثالها حيث يتحرى الجواز فيها لتعيب (٧) جهة الجواز على ما يجيء في كتاب الصرف إن شاء الله تعالى" (٨).

(ولا يشيع الفساد؛ لأنه ضعيف فيها) (٩)

أي: في المشتراة؛ لكونه مجتهداً فيه؛ لما ذكرنا أن شرى ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن جائز عنده، فلما ضعف الفساد فيها لم يتعد الفساد إلى المضمومة إليها، كما لو باع عبداً ومدبراً حيث يصح البيع في/ العبد لضعف فساد البيع في المدبر لم يتعد فساده إلى القن.


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٢) "شرى" في (ب).
(٣) "بأقل مما باع" في (ب)، وفي هامش (أ).
(٤) سقط من (ب).
(٥) "فيهما" في (ب).
(٦) والكر: الحبل الذي يصعد به على النخل، والكر أيضاً: واحد الأكرار، وهي التي تضم بها الظلفتان وتدخل فيهما. والكر أيضاً: حبل الشراع، وجمعه كرور. معجم ديوان الأدب (٣/ ٦)، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (٢/ ٨٠٤).
(٧) "لتعين" في (ب).
(٨) فتح القدير (٦/ ٤٠١).
(٩) قال في الهداية: "لأنه ضعيف فيها؛ لكونه مجتهداً فيه، أو لأنه باعتبار شبهة الربا" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٨٠).