للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثبوت الضمان بالقبض ليس من حكم (١) انعقاد العقد كالمقبوض على سوم البيع مضمون بالقيمة ولا عقد، وهذا؛ لأن الملك مشروع محبوب فيستدعي سبباً (٢) مرضياً شرعياً، بخلاف الكتابة الفاسدة؛ حيث انعقدت مع صفة الفساد؛ ولأن فيها معنيين معنى المعاوضة واليمين؛ لأن تعليق العتق بشرط الأداء والحرمة لا تمنع صحة التعليق، كما لو قال: إن زنيت فأنت حرة، فإنما يقول (٣) العتق هناك لمعنى التعليق دون المعاوضة، وحجتنا في ذلك من حيث التخريج على الأصل المجمع عليه، [أن يقول: هذا النهي لمعنى في غير المنهي عنه؛ لأن البيع ينعقد بالإيجاب] (٤) والقبول في محل قابل له، ولا يختل شيء من ذلك بالشرط الفاسد، وانعقاد العقد بوجود ركنه من أجله، والنهي كان للشرط وهو وراء ما يتم العقد به، وكذلك النهي عن الربا للفضل الخالي عن المقابلة، وهو وراء ما يتم به العقد فلا ينعدم به/ أصل العقد، والعقد لا ينعقد شرعاً إلاّ موجباً حكمه، والأسباب الشرعية تطلب (٥) لأحكامها، فإذا كانت خالية عن الحكم يكون لغواً، ولكن الحكم يتصل بها تارة ويتأخر أخرى كالهبة؛ فإنها عقد تمليك، ثم الملك يتأخر بها إلى القبض، وقوله: بأن البيع يفسد به، قلنا: لأن النهي اتصل بوصفه، فإن الخيار والأجل لو كان جائزاً كان عمله في تغير وصف العقد لا في تغير [أصله، فكذلك إذا كان فاسداً يكون عمله في تغير] (٦) وصف العقد حتى يصير العقد فاسداً، وليس من ضرورة انعدام الوصف انعدام الأجل، بل من ضرورته انعقاد الأصل، فالصفة لا تكون بدون الموصوف (٧)، والدليل عليه أن المقبوض يصير مضموناً، والضمان إنما يجب بطريق الجبران، أو بالعقد، وههنا وجوب الضمان ليس بطريق الجبران؛ لأنه يقبض بإذن المالك، فعرفنا أن وجوب الضمان بالعقد، وهكذا نقول في المقبوض على سوم الشراء: إنه مضمون بالعقد، ولكن على وجه هو أن يجعل الموعود من العقد كالمتحقق، وإذا ثبت هذا في البيع مع الشرط الفاسد فكذلك في الربا؛ لأن الفساد يكون لمعنى في وصف العقد فإن بالفضل يصير البائع رائجاً، وكذلك في البيع بالخمر، وقد ذكرناه.


(١) "أحكام" في (ب).
(٢) سقط من (ب).
(٣) "يترك " في (ب).
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٥) "تبطل" في (ج).
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٧) قال ابن دقيق العيد في شرح الإلمام: "الأمر بإيجاد الصفة وإدخالها في الوجود يقتضي الأمر بالموصوف؛ لاستحالة دخول الصفة في الوجود بدون الموصوف، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وقد يكون الأمر بالصفة على تقدير وجود الموصوف، وقد يحتمل الحال الأمرين كقوله -صلى الله عليه وسلم-: «أفشوا السلام بينكم» هل المراد إدخال إفشاء السلام في الوجود فيكون أمراً بأصل السلام، أو المراد إفشاؤه على تقدير وجوده أي: إذا سلمتم فليكن فاشياً. البحر المحيط في أصول الفقه (٣/ ٣٥١)، المبسوط للسرخسي (١٣/ ٢٤).