للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وفيه الكلام) (١)

أي: المسألة مصورة فيما إذا كان العوضان مالاً.

(لاقتضائه التصور) (٢)

أي: لاقتضاء النهي يصور المنهي عنه، وإلا يلزم ورود النهي في شيء لا يتكون، وهو سفه حتى لا يقال للآدمي: لا نظر، ولا للأعمى لا تبصر؛ لئلا يلزم هذا.

(إنما المحظور ما يجاوره كما في البيع وقت النداء)

فإن قلت: في هذا اللفظ شبهتان:

إحداهما: هي أن إلحاق ما تنازعنا فيه بالبيع وقت النِّداء من حيث مجاورة المحظور المنهي عنه مخالف لرواية أصول الفقه، فإن في رواية أصول الفقه جعل البيع وقت النِّداء من قبيل ما جاوره المعنى جمعاً (٣)، والذي تنازعنا فيه مع الخصم من قبيل ما اتصل به المعنى (٤) وصفاً.

والثانية: كيف يصبح إلحاق هذا بذاك مع اختلافهما في الحكم؟ فإن الحكم هناك الكراهة، والحكم ههنا الفساد.

قلت: غرض المصنف -رحمه الله- من ذكر المجاورة بيان أن المحظور ليس لمعنى في عين المنهي عنه كما هو مزعوم الخصم، فالمجاور جمعاً مع المتصل وصفاً يتَّحدان في أنهما ليسا بمحظورين لمعنى في عين المنهي عنه، ومن هذا الوجه صار حكم المتصل وصفاً كحكم المجاور جمعاً، فيصبح قياس أحدهما على الآخر؛ لاشتراكهما في أمر هو مقصود المصنف رحمه الله. وكذلك أيضاً الجواب عن الشبهة الثانية فإن غرض المصنف -رحمه الله- بيان أن حكم المنهي عنه ليس هو البطلان كما هو ذلك عند الخصم، ثم الكراهة مع الفساد يشترطان في عدم البطلان من حيث إن حكم كل واحد منهما ليس بباطل.

(وإنما لا يثبت الملك قبل القبض … إلى آخره) (٥)

فإن قيل: ينبغي أن لا يثبت الملك بعد القبض أيضاً كما لا يثبت قبله؛ لأن كل ما يمنع ثبوت الملك بالبيع قبل القبض يمنع بعد القبض كخيار الشرط، وهذا في معناه أيضاً؛ لأن الرضاء لا يتم مع خيار الشرط، فكذلك لا يتم رضاء البائع بالفساد؛ لأن رضاه فمن (٦) الثمن لا في القيمة؛ لتصور زيادته على القيمة.


(١) قال في الهداية: "ولنا أن ركن البيع صدر من أهله، مضافاً إلى محله فوجب القول بانعقاده، ولا خفاء في الأهلية والمحلية. وركنه: مبادلة المال بالمال، وفيه الكلام والنهي يقرر المشروعية عندنا" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٨٦).
(٢) قال في الهداية: "لاقتضائه التصور فنفس البيع مشروع، وبه تنال نعمة الملك" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٨٦).
(٣) ينظر: تقويم الأدلة في أصول الفقه (ص: ٥٢).
(٤) "المنهي" في (ب).
(٥) قال في الهداية: "وإنما لا يثبت الملك قبل القبض كي لا يؤدي إلى تقرير الفساد المجاور" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٨٦).
(٦) "في" في (ب).