للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: المانع في ثبوت الملك في الخيار [غير المانع في البيع الفاسد، فلم يلزم من عدم ثبوت الملك بعد القبض في الخيار] (١) عدم ثبوته في البيع الفاسد؛ وذلك لأن ثبوت الملك في الخيار معلق معنًى بسقوط الخيار؛ لأنه يقول: على أني بالخيار، والمتعلق بالشرط معدوم قبل وجود الشرط (٢)، وتعلق بالشرط لم (٣) يختلف بين وجود القبض وعدمه، فلم يثبت الملك بعد القبض؛ لعدم سقوط الخيار، وأمَّا هنا لو ثبت الملك قبل القبض يثبت بغير عوض، فإن المسمَّى لا يجب لفساد العقد، والضمان لا يجب إلاَّ بالقبض، فلهذا تأخر الملك إلى ما بعد القبض؛ ليكون الملك بمقابله الضمان، أو لأنه تأخر الملك ههنا، أي وقت القبض؛ لضعف في البيع الفاسد، واحتاج إلى انضمام ما يقويه إليه وهو القبض، كعقد التبرع" إلى هذا أشار في المبسوط (٤).

(كيلا يؤدي إلى تقرير الفساد)

لأنه لو ثبت الملك قبل القبض يجب على البائع تسليم المبيع، وإذا وجب عليه تسليم المبيع يجب على المشتري تسليم الثمن، وهما من مواجب العقد، فيؤدي إلى تقرير الفساد؛ لأن في المطالبة بتسليم المبيع والثمن تقرير للفساد، والعقد الفاسد واجب الرفع، فيجب أن نقول قولاً لا يؤدي إلى تقرير الفساد لذلك، وليس ذلك إلاَّ أن يقول بعدم ثبوت الملك قبل القبض.

فإن قلت: لو ثبت الملك بعد القبض كان فيه تقرير الفساد أيضاً فينبغي أن لا يثبت بعده أيضاً على ذلك التقدير.

قلت: الأصل في الدلائل إعمالها على حسب ما سَنَحَت (٥) لنا لا إلغاء/ أوصافها من القوة والضعف، فإنّا لو قلنا في البيع الفاسد بثبوت الملك قبل القبض لسويناه مع البيع الصحيح، ولو ألغينا الملك مع وجود القبض لسّويناه مع البيع الباطل، وتثبت اقتدار الأدلة، فلا يجوز لنا إلغاؤها، وقد ظهر لنا (٦) بالدليل أن موجب البيع الفاسد هو بين موجبي البيع الصحيح والبيع الباطل، فلا بُدَّ أن يثبت حكمه أيضاً بين حكمي البيع الصحيح والبيع الباطل، وذلك فيما قلناه من عدم ثبوت الملك قبل القبض، وثبوته بعد القبض، فاخترنا القبض مقويًّا لضعفه؛ لأن للقبض شبه الإيجاب، فصار كأن إيجاب البيع الفاسد ازداد قوة في نفسه فألحق بالبيع الصحيح عند ذلك في إثبات الملك، ولأنَّا لو أثبتنا الملك [قبل القبض لكنا مثبتين ذلك بالبيع الفاسد؛ لأنه موجب للملك] (٧) هناك سواهُ، فكان فيه تقرير الفساد على ما قلنا وجهه، والبيع المشروع بشرع الله تعالى فكان الفساد حينئذ مضافاً إلى الشارع، ولا يجوز ذلك، أمَّا لو قلنا بثبوت الملك بعد القبض كان القبض مثبتاً للملك؛ لوجوب الضمان على القابض، كما في القبض على سوم الشراء، فكان تقرير الفساد مضافاً إلى العباد، وذلك ليس ببعيد.


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٢) قال في كشف الأسرار: "من العمل بالوجوه الفاسدة أن الشافعي - رحمه الله - جعل التعليق بالشرط يوجب العدم، لا خلاف أن المعلق بالشرط معدوم قبل وجود الشرط، ولكن هذا العدم عندنا هو العدم الأصلي الذي كان قبل التعليق، وعنده هو ثابت بالتعليق، ففي قوله: إن دخلت الدار فأنت طالق، عدم الطلاق قبل وجود الشرط ولكن بالعدم الأصلي الذي كان قبل التعليق، واستمر إلى زمان وجود الشرط، وعنده هو ثابت بالتعليق مضاف إلى عدم الشرط، وحاصله أن وجود الشرط يدل على وجود المشروط، وعدمه يدل على انتفائه عند القائلين بالمفهوم أجمع". كشف الأسرار (٢/ ٢٧١)، موسوعة القواعد الفقهية (٩/ ٤٧٥).
(٣) "لا" في (ب).
(٤) المبسوط للسرخسي (١٣/ ٢٤).
(٥) "أي ظهرت" في (أ).
(٦) سقط من (ب).
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).