للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(إذ هو واجب الرفع بالاسترداد)

أي: البيع الفاسد بعد القبض واجب الرفع بالاسترداد رفعاً للفساد.

(فبالامتناع عن المطالبة أولى) (١)

أي: لو قلنا: وجوب رفع البيع (٢) الفاسد بامتناع المشتري عن مطالبة تسليم المبيع عن البائع أولى عن قولنا بوجوب الرفع بالاسترداد؛ لأن هذا أسهل وأبعد عن العبث؛ لأن علينا رفع الفساد، فلو قلنا: يسلم لم يسترد المبيع من المشتري بعد القبض كان فيه نوع عبث؛ لأن معنى العبث هو أن يفعل فعلاً بلا فائدة حكمةٍ، وفيه ذلك؛ لأنّ رفع الفساد يوجد بدون ذلك، وهو أن يمتنع المشتري عن مطالبة البائع بتسليم المبيع، ثم ذلك الامتناع إنما يتحقق إن لو لم يثبت الملك قبل القبض؛ لأنه لو ثبت الملك في المبيع للمشتري قبل القبض يطالب المشتري البائع بتسليم المبيع فيقبضه فيثبت الملك له بعد القبض، ثم بعد ذلك لا يخلو إمَّا أن يرد أو لا يرد، فإن ردَّ يلزم فيه نوع عبث لما قلنا، وإن لم يرد يلزم تقرير الفساد، فلذلك كان القول بوجوب رفع الفساد بالامتناع عن المطالبة أولى عن القول بوجوب الرفع بالاسترداد.

(ولو كان الخمر مثمناً فقد خرجناه)

أي: لو كان الخمر مثمناً فيما إذا اشترى الخمر بالدراهم والدنانير يقع البيع باطلاً، فقد ذكرنا تخريجة في أوائل (٣) البيع الفاسد، وهو قولنا: "ووجه الفرق وهو الخمر مال، وكذا الخنْزير … " إلى آخره، فلا يلزم حينئذ ما ذكره الخصم من بطلان البيع فيما إذا كان الخمر مثمناً بطلان البيع فيما تنازعنا فيه.

(وشيء آخر)

أي: ودليل آخر غير ذلك الدليل الذي ذكرنا هناك.

(وهو أن (في) (٤) الخمر الواجب هو القيمة وهي)

أي: القيمة.

(تصلح ثمناً لا مثمناً)

يعني لو انعقد البيع على الخمر يجب قيمة الخمر لا عين الخمر؛ لأن الْمُسلم ممنوع عن تسليم الخمر وتسلُّمها، ثم لو قلنا بانعقاد البيع فيه أي فيما إذا اشترى الخمر بالدراهم، أو الدنانير لجعلنا القيمة مثمناً؛ لأن كل عين من الأعيان بمقابلة الدراهم والدنانير في البيع هو مثمن، أي مبيع؛ لتعيّن الدراهم والدنانير للثمنية خلقة شرعاً، وما عهد أن تكون القيمة مثمناً في صورة من صور البياعات، فلو قلنا بذلك يؤدي إلى تغيير المشروع، فلذلك حكمنا عليه بالبطلان، وأمَّا إذا جُعل بمقابلة الخمر، فلو قلنا بذلك يؤدي إلى تغيير المشروع، فلذلك حكمنا عليه بالبطلان، وأمَّا إذا جعل بمقابلة الخمر ثوباً أو غيره من العروض كانت الخمر ثمناً، والثمن يجري مجرى الوصف فيجب على المشتري قيمة الثوب فكانت القيمة في محلها فلا يحكم بالبطلان، لكنه يفسد البيع مع ذلك؛ لأن الخمر مال غير متقوَّم في حق المسلمين.


(١) قال في الهداية: "ولأن السبب قد ضعف لمكان اقترانه بالقبيح فيشترط اعتضاده بالقبض في إفادة الحكم بمنْزلة الهبة، والميتة ليست بمال فانعدم الركن" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٨٦).
(٢) سقط من (ب).
(٣) "باب" زيادة في (ب).
(٤) في (ب) وهي في هامش (أ).