للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفائدة كونها بيعًا جديدًا في حقِّ غيرهما تظهر أيضًا في مواضع:

أحدها: هو أن المبيع لو كان عقارًا (١) مما يجب فيه الشُّفْعةُ (٢)، فسلَّم الشفيعُ الشفعةَ في أصل البيع، ثم تقايلا البيعَ بغير قضاء، وعاد المبيع إلى ملك البائع، فطلب الشفيعُ الشفعةَ في الإقالة، كان له ذلك؛ لأنها بمنزلة البيع في حق ثالث سوى المتعاقدين (٣).

والثاني: أن البيع لو كان صرفًا (٤)، فالتقابض من كلا الجانبين شرط لصحة الإقالة، فيجعل في حق الشريعة كبيع جديد.

والثالث: أنه لو اشترى شيئًا وقبضه قبل نقد الثمن، ثم باعه من آخر، ثم تقايلا وعاد إلى المشتري، ثم إن البائع اشتراه من المشتري بأقل من الثمن قبل النقد جاز، فصار في حق البائع كأنه ملك بسبب جديد (٥).

والرابع: أن السلعة لو كانت هبة (٦) في يد البائع، ثم تقايلا، فليس للواهب أن يرجع، فصار كأن البائع اشتراها في حق الواهب، كذا في شرح الطحاوي (٧) (٨).


(١) العَقَار: ضَيعة الرَّجُل، والجمع العَقارات. يقال ليس له دارٌ ولا عَقارٌ. قال ابن الأعرابيّ: العَقار هو المتاع المَصُون، ورجلٌ مُعْقِر: كثير المتاع. معجم مقاييس اللغة (٤/ ٩٥).
(٢) الشُّفْعَةُ مِنْ الشَّفْعِ الَّذِي هُوَ نَقِيضُ الْوِتْرِ وَقَدْ شَفَعْت الْوِتْرَ بِكَذَا أَيْ جَعَلْته شَفْعًا وَمَنْ لَهُ الشُّفْعَةُ يَشْفَعُ عَقَارَهُ بِالْعَقَارِ الَّذِي يَأْخُذُهُ، وَالشَّفَاعَةُ هِيَ أَنْ يُشْفِعُ نَفْسَهُ بِمَنْ يَشْفَعَ لَهُ فِي طَلَبِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ. طلبة الطلبة لعمر بن محمد، أبو حفص، نجم الدين النسفي، الناشر: المطبعة العامرة، مكتبة المثنى ببغداد، الطبعة: بدون طبعة، تاريخ النشر: ١٣١١ هـ. (١/ ١١٩).
(٣) ينظر: "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" للزيلعي (٤/ ٧٢)، و"العناية شرح الهداية" للبابرتي (٩/ ٤١١).
(٤) بيع الصَّرف: هو بيع النقد بالنقد. التعريفات الفقهية (١/ ٤٨).
(٥) ينظر: "درر الحكام شرع غرر الأحكام" لمحمد بن فرامرز بن علي الشهير بملا خسرو، دار إحياء الكتب العربية، بيروت، دت، (٢/ ١٨٠)، و"مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر" (٣/ ١٠٤).
(٦) الهبة: من وهب: يقال: وَهَبَ الله لك الشَّيءَ، يَهَبُ هِبَةً. وتَواهَبَهُ النّاسُ بينهمْ. انظر: العين لأبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد، المحقق: مهدي المخزومي، إبراهيم السامرائي، الناشر: دار ومكتبة الهلال (٤/ ٩٧).
(٧) ينظر: "فتح القدير" لابن الهمام، (٦/ ٤٩٢). وزاد الزيلعي موضعًا خامسًا يظهر فيه فائدة كون الإقالة بيعًا جديدًا في حق ثالث، قال: «والخامسة إذا اشترى بعروض التجارة عبدًا للخدمة بعدما حال عليه الحول، فوجد به عيبًا فرده بغير قضاء، واسترد العروض فهلكت في يده، فإنه لا يسقط عنه الزكاة؛ لأنه بيع جديد في حق الثالث وهو الفقير؛ لأن الرد بالعيب بغير قضاء إقالة».
(٨) أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة المصري المعروف بالطحاوي الإمام، الفقيه، الحافظ، المحدث، كان ثقة، ثبتاً، نبيلاً، انتهت إليه رياسة أصحاب أبي حنيفة في زمنه، ولم يخلف بعده مثله. وصنف الطحاوي كتباً مفيدة، منها " أحكام القرآن "، و " معاني الآثار "، و " بيان مشكل الآثار "، ووفاته سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة. انظر: تاج التراجم لأبي الفداء زين الدين أبو العدل قاسم بن قُطلُوبغا، المحقق: محمد رمضان، الناشر: دار القلم - دمشق، الطبعة: الأولى، ١٤١٣ هـ -١٩٩٢ م (١/ ١٠٠).