للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك لو اشترى ثوبين فباع أحدهما مرابحة على حصته (١) من الثمن لا يجوز؛ لأن حصة أحدهما من الثمن لا يعرف إلا بالحزر والظن ويجري فيه الغلط.

وكذلك لو كان له على رجل عشرة دراهم فصالحه منها على ثوب لا يبيع الثوب مرابحة على عشرة وإن كانت قيمة الثوب عشرة دراهم؛ لأن الصلح مبناه على التحرز، (ولو وجد) (٢) الحط حقيقة لا يبيع مرابحة، فكذا إذا تمكنت الشبهة وما ذلك إلا باعتبار أن مبنى المرابحة على الأمانة، والاحتراز عن حقيقة الخيانة (٣) وشبهة الخيانة، إلى هذا أشار الإمام قاضي خان -رحمه الله- (٤).

فإن قلت: يشكل على هذا مواضع لم يحترز فيها شبهة الخيانة (٥) وجازت المرابحة.

منها: أنه إذا اشترى جارية فاعوّرت في يد المشتري فإن له أن يبيعها مرابحة على جميع الثمن من غير بيان.

ومنها: أنه إذا اشترى ثوباً فأصابه قرض فأرٍ أو حرق نار يبيعه مرابحة من غير بيان، ولا شك أن المشتري لو علم أنه اشتراه غير معيب بما سمى من البدل لم يلزم له ربحًا على ذلك ما لم يبين بعدما تعيب (٦) [بعشرة للإنسان ثم من البدل لم يلتزم له ربحا على ذلك ما لم يبين بعدما يعيب] (٧).

ومنها: أنه إذا وهب الثوب المشتري بعشرة لإنسان ثم رجع فيه فله أن يبيعه مرابحة على عشرة من غير بيان، مع أن اختلاف الأسباب ينزل منزلة اختلاف الأعيان، فكان (٨) ينبغي أن لا يجوز المرابحة، وإن بيّن جاز كان ينبغي أن لا يتقاعد (٩) عن اشتراط البيان (١٠).

قلت: أما المسألتان المتقدمتان فيذكر جوابهما في الكتاب.

وأما الثالثة: فإن العين بالرجوع يعود إلى قديم ملكه، سواء رجع بقضاء أو بغير قضاء، فصار كأن السبب لم يوجد، وهذا لأن [تغير] بالوصف في الغير إنما يشترط بيانه إذا كان في ستره شبهة الخيانة (١١)، وهذا ليس كذلك؛ لأن الخيانة إنما يكون أن لو كان لها تأثير في نقصان الثمن، وليس للرجوع بعد الهبة تأثير في نقصان الثمن، فلا يكون فيه الخيانة ولا شبهتها.

ولا يصح المرابحة والتولية حتى يكون العوض مما له مثل، أي حتى تكون الثمن في البيع الأول مما له مثل كالمكيلات والموزونات؛ لأنه لو كان الثمن الأول من ذوات القيم لو اشتراه مشترياً بالمرابحة أو بالتولية لاشتراه بقيمة ذلك الحيوان، إذ لا يمكن رد عينه؛ لأنه ليس هو في ملكه، وكذا رد مثله؛ لأنه لا مثل له، فتعينت القيمة، والقيمة مجهولة [تعرف] (١٢) بالحرز والظن، فيتمكّن (١٣) شبهة الخيانة (١٤) فيحترز عنها، فلذلك (١٥) اشترط (١٦) كون الثمن الأول مما له مثل.


(١) في (ع): حصة.
(٢) في (ع): ويوجد.
(٣) في (ع): الجناية.
(٤) الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٥٦).
(٥) في (ع): الجناية.
(٦) في (ع): يبين.
(٧) ما بين المعقوفين زيادة من (ع).
(٨) في (ع): فإنه.
(٩) في (ع): يتصاعد.
(١٠) المبسوط (١٣/ ٨٨).
(١١) في (ع): الجنابة.
(١٢) ما بين المعقوفين زيادة من (ع).
(١٣) في (ع): فيمكن.
(١٤) في (ع): الجنابة.
(١٥) في (ع): وكذلك.
(١٦) في (ع): اشتراط.